جامعة لهم. قوله تعالى : (وَيَقُولُ ذُوقُوا) قرأ ابن كثير : بالنون. وقرأ نافع : بالياء. فمن قرأ بالياء ، أراد الملك الموكّل بعذابهم ، ومن قرأ بالنون ، فلأنّ ذلك لمّا كان بأمر الله تعالى جاز أن ينسب إليه. ومعنى (ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي : جزاء ما عملتم من الكفر والتّكذيب.
(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠))
قوله تعالى : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وابن عامر : (يا عِبادِيَ) بتحريك الياء. وقرأ أبو عمرو ، والكسائيّ : بإسكانها.
قوله تعالى : (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) وقرأ ابن عامر وحده : «أرضي» بفتح الياء ، وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه خطاب لمن آمن من أهل مكّة ، قيل لهم : «إن أرضي» يعني المدينة «واسعة» ، فلا تجاوروا الظّلمة في أرض مكّة ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ؛ وكذلك قال مقاتل : نزلت في ضعفاء مسلمي مكّة ، أي : إن كنتم في ضيق بمكّة منّ إظهار الإيمان ، فأرض المدينة واسعة. والثاني : أنّ المعنى : إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرجوا منها ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وبه قال عطاء. والثالث : إنّ رزقي لكم واسع ، قاله مطرّف بن عبد الله.
قوله تعالى : (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) أثبت فيها الياء يعقوب في الحالين ، وحذفها الباقون. قال الزّجّاج : أمرهم بالهجرة من الموضع الذي لا يمكنهم فيه عبادة الله إلى حيث تتهيّأ لهم العبادة ؛ ثم خوّفهم بالموت لتهون عليهم الهجرة ، فقال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) المعنى : فلا تقيموا في دار الشّرك خوفا من الموت (ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) بعد الموت فنجزيكم بأعمالكم ، والأكثرون قرءوا : «ترجعون» بالتاء على الخطاب ؛ وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء.
قوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر : «لنبوئنّهم» بالباء ، أي : لننزلنّهم. وقرأ حمزة ، والكسائيّ ، وخلف : «لنثوينّهم» بالثاء ، وهو من : ثويت بالمكان : إذا أقمت به. قال الزّجّاج : يقال : ثوى الرجل : إذا أقام ، وأثويته : إذا أنزلته منزلا يقيم فيه. قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا). قال ابن عباس :
(١٠٩٦) لمّا أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالخروج إلى المدينة ، قالوا : يا رسول الله ، نخرج إلى المدينة وليس لنا بها عقار ولا مال؟! فمن يؤوينا ويطعمنا؟ فنزلت هذه الآية.
قال ابن قتيبة : ومعنى الآية : كم من دابّة لا ترفع شيئا لغد ، قال ابن عيينة : ليس شيء يخبأ إلّا الإنسان والفأرة والنّملة. قال المفسّرون وقوله : (اللهُ يَرْزُقُها) أي : حيث ما توجّهت (وَإِيَّاكُمْ) أي :
____________________________________
(١٠٩٦) لم أقف عليه مسندا. وذكر الواحدي في الوسيط ٤٢٤ نحوه عن مقاتل بدون إسناد ، فهو لا شيء ، ومقاتل إن كان ابن حيان ، فقد روى مناكير ، وإن كان ابن سليمان فهو كذاب.