فالمعنى : ولكن كان رسول الله عليهالسلام ، وكان خاتم النّبيّين ؛ ومن رفعه ، فالمعنى : ولكن هو رسول الله عليهالسلام ؛ ومن قرأ : «خاتم» بكسر التاء ، فمعناه : وختم النّبيّين ؛ ومن فتحها ، فالمعنى : آخر النّبيّين. قال ابن عباس : يريد : لو لم أختم به النّبيّين ، لجعلت له ولدا يكون بعده نبيّا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤))
قوله تعالى : (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) قال مجاهد : هو أن لا تنساه أبدا. وقال ابن السّائب : يقال : «ذكرا كثيرا» بالصّلوات الخمس. وقال مقاتل بن حيّان : هو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير على كلّ حال. وقد روى أبو هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال :
(١١٤٩) «يقول ربّكم : أنا مع عبدي ما ذكرني وتحرّكت بي شفتاه».
قوله تعالى : (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) قال أبو عبيدة : الأصيل : ما بين العصر إلى الليل. وللمفسّرين في هذا التسبيح قولان : أحدهما : أنه الصّلاة ، واتّفق أرباب هذا القول على أن المراد بالتسبيح بكرة : صلاة الفجر. واختلفوا في صلاة الأصيل على ثلاثة أقوال : أحدها : أنها صلاة العصر ، قاله أبو العالية ، وقتادة. والثاني : أنها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، قاله ابن السائب. الثالث : أنها الظّهر والعصر ، قاله مقاتل. والقول الثاني : أنه التسبيح باللسان ، وهو قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، قاله مجاهد.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) في صلاة الله تعالى علينا خمسة أقوال : أحدها : أنها رحمته ، قاله الحسن. والثاني : مغفرته ، قاله سعيد بن جبير. والثالث : ثناؤه ، قاله أبو العالية. والرابع : كرامته ، قاله سفيان. والخامس : بركته ، قاله أبو عبيدة. وفي صلاة الملائكة قولان : أحدهما : أنها دعاؤهم ، قاله أبو العالية. والثاني : استغفارهم ، قاله مقاتل. وفي الظّلمات والنّور هاهنا ثلاثة أقوال : أحدها : الضّلالة والهدى ، قاله ابن زيد. والثاني : الإيمان والكفر ، قاله مقاتل. والثالث : الجنّة والنار ، حكاه الماوردي.
قوله تعالى : (تَحِيَّتُهُمْ) الهاء والميم كناية عن المؤمنين. فأمّا الهاء في قوله تعالى : (يَلْقَوْنَهُ) ففيها قولان : أحدهما : أنها ترجع إلى الله تعالى. ثم فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنّ معناه تحيّتهم من الله يوم يلقونه سلام (١).
____________________________________
وفاطمة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ فمات في حياته ثلاث وتأخرت فاطمة حتى أصيبت به ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ثم ماتت بعده بستة أشهر اه.
(١١٤٩) جيد ، أخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد» ص ٨٧ وابن ماجة ٣٧٩٢ وأحمد ٢ / ٥٤٠ والحاكم ١ / ٤٩٦ والبغوي في «التفسير» ١٠٤ كلهم من حديث أبي هريرة ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وهو حديث حسن صحيح.
__________________
(١) هذا ما اختاره ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٦١٠ ، ثم قال : وزعم قتادة أن المراد أنهم يحيي بعضهم