قال ربّك؟ قال : فيقول : الحقّ ، فينادون : الحقّ الحقّ».
(١١٨٤) وروى أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إذا قضى الله عزوجل الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربّكم ، قالوا للذي قال : الحقّ وهو العليّ الكبير».
والثاني : أنهم يفزعون من قيام الساعة. وفي السبب الذي ظنّوه بدنوّ الساعة ففزعوا ، قولان :
(١١٨٥) أحدهما : أنه لمّا كانت الفترة التي بين عيسى ومحمّد صلّى الله عليهما وسلّم ، ثم بعث الله محمّدا ، أنزل الله جبريل بالوحي ، فلمّا نزل ظنّت الملائكة أنه نزل بشيء من أمر الساعة ، فصعقوا لذلك ، فجعل جبريل يمرّ بكلّ سماء ويكشف عنهم الفزع ويخبرهم أنه الوحي ، قاله قتادة ، ومقاتل ، وابن السّائب. وقيل : لمّا علموا بالإيحاء إلى محمّد صلىاللهعليهوسلم ، فزعوا ، لعلمهم أنّ ظهوره من أشراط الساعة.
(١١٨٦) والثاني : أنّ الملائكة المعقّبات الذين يختلفون إلى أهل الأرض ويكتبون أعمالهم إذا أرسلهم الله تعالى فانحدروا ، يسمع لهم صوت شديد ، فيحسب الذين هم أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة ، فيخرّون سجّدا ، ويصعقون حتى يعلموا أنه ليس من أمر الساعة ، وهذا كلّما مرّوا عليهم ، رواه الضّحّاك عن ابن مسعود.
والقول الثاني : أنّ الذي أشير إليهم المشركون ؛ ثم في معنى الكلام قولان : أحدهما : أنّ المعنى : حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين عند الموت ـ إقامة للحجّة عليهم ـ قالت لهم الملائكة : ماذا قال ربّكم في الدنيا؟ قالوا : الحقّ ، فأقرّوا حين لم ينفعهم الإقرار ، قاله الحسن ، وابن زيد. والثاني : حتى إذا كشف الغطاء عن قلوبهم يوم القيامة ، قيل لهم : ماذا قال ربّكم؟ قاله مجاهد.
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧))
قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ) يعني المطر (وَالْأَرْضِ) يعني النّبات والثّمر. وإنما
____________________________________
(١١٨٤) صحيح. أخرجه البخاري ٤٧٠١ و ٧٤٨١ و ٤٨٠٠ وأبو داود ٣٩٨٩ والترمذي ٣٢٢٣ وابن ماجة ١٩٤ وابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٤٧ وابن حبان ٣٦ والبيهقي في «الدلائل» ٢ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ وابن مندة في «الإيمان» ٧٠٠ والحميدي ١١٥١ من طرق عن سفيان به.
(١١٨٥) لا أصل له ، عزاه المصنف لابن السائب الكلبي ومقاتل ، وكلاهما يضع الحديث. وأخرجه الطبري ٢٨٨٥٤ عن قتادة قال : يوحي الله إلى جبرائيل ، فتفرّق الملائكة ، أو تفزع مخافة يكون شيء من أمر الساعة ، فإذا جلي عن قلوبهم ، وعلموا أنه ليس ذلك من أمر الساعة (قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).
وهذا من كلام قتادة ، ليس بمرفوع ، فالخبر ليس له أصل في المرفوع.
(١١٨٦) موقوف ضعيف. أخرجه الطبري ٢٨٨٥٥ عن الضحاك عن ابن مسعود قوله ، وإسناده ضعيف ، شيخ الطبري لم يسمّ ، والضحاك لم يلق ابن مسعود.