فى أخمصها فقتلته. ومرّ عليه الحارث (١) بن الطّلاطلة ، فأومى إليه ودعا عليه ، فجعل يتقيّأ قيحا حتّى هلك ؛ فأنزل الله عزوجل : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
(٩) ووجه آخر (٢) من أعلامه أمور (٣) نطق بها القرآن قبل أن حدثت ، ثم حدثت (٤) وصحّت وظهر صدق ما أنزل الله على لسانه (ص). فمنها ما صحّت فى حياته ومنها ما صحّت بعد وفاته ، من ذلك فتح مكّة ، وصلح حديبيّة ؛ وقد كان الله عزوجل بشّر بأن يفتح عليه مكّة حتى (٥) يدخل هو وأصحابه والمسلمون مكّة آمنين محلّقين رءوسهم ومقصّرين حاجين (٦) ومعتمرين لا يخافون ، فقال جلّ ذكره : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً). فسهّل الله له (٧) صلح الحديبية ، وفتح له بعد ذلك مكة وأنجز وعده فلمّا فتحها دخل الكعبة وأخذ بعضادتى الباب وأمر بالصّور الّتي كانت فى الكعبة فطلست وبالأصنام فكسرت. وقال : «الحمد لله وحده (٨) ، أنجز (٩) وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده».
فان قال قائل (١٠) : فلم استثنى فى هذه الآية حين قال : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) فان الاستثناء فى أشياء يقع فيها الشّك ؛ فقد احتجّ الملحدون بذلك ، قلنا : لم يشك (١١) فى أنّ الله ينجز له ما وعده ولم يكن استثناؤه لذلك ولكنّه عزوجل كان أدّبه أن لا يقول لشيء إنّه يفعله (١٢) حتّى يستثنى فيه.
__________________
(١) ـ الحارث : الحرث BC ـ (٢) ـ آخر : ـ B (٣) امور : امرB (٤) ثم حدثت : ـ B (٥) ـ حتى : حين C (٦) ـ حاجين : حاجبين A (٧) ـ له : لم B (٨) ـ وحده : ـ C (٩) انجز : وانجزB (١٠) ـ قائل : قال A (١١) ـ لم يشك : لمن يشك C (١٢) ـ يفعله : يقوله B