وذلك إن المشركين كانوا سألوه عن قصّة أصحاب الكهف فقال : أخبركم به غدا ، ولم يستثن ، فانقطع (١) عنه الوحى أربعين يوما حتى قال المشركون : قد قلاه صاحبه وودّعه (٢) ، يعنون به (٣) جبرئيل عليهالسلام. فأنزل الله عزوجل بعد ذلك : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) (٤) وَما قَلى» ، وأنزل عليه سورة الكهف وقصّ عليه نبأ الفتية ، ثم قال له بعد تمام القصة : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) فأدّبه بذلك فكان لا يقول بعد ذلك لشيء أن يكون الّا ويستثنى فيه. ونزلت سورة الكهف قبل الهجرة بمكة ونزلت سورة الفتح بعد الهجرة بالمدينة ؛ فلذلك (٥) استثنى. وكان نزل أيضا فى فتح مكة : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) فوعده عزوجل أن يردّه إلى مكّة عودا بعد بدء (٦) ويفتحها عليه ؛ ونزل به القرآن ، فأنجز الله وعده. فهذا ما كان فى حياته.
ومن ذلك أنّ فارس غلبت الرّوم على مملكة الجزيرة فسرّت قريش بذلك مخالفة (٧) لرسول الله (ص) وحزن عليهالسلام وأصحابه لميلهم الى الرّوم ، لأنّ هرقل قبل (٨) كتاب رسول الله وكسرى مزّقه ، فأنزل الله عزوجل : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) الى قوله : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّـهِ) فجاءت الروم وغلبت فارس بعد سبع سنين ، وحقق الله قوله ، وسر المؤمنون (١٠) بذلك. فهذا ما نزل فى القرآن قبل أن كان ثم صح بعد ذلك وهذا فى حياته (ص).
ومن ذلك قوله (١١) عزوجل : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا)
__________________
(١) ـ فانقطع : فانقع : B (٢) ـ ودعه : درعه B (٣) به : ـ B (٤) ـ ربك : ـ A (٥) ـ فلذلك : فان لك B (٦) ـ بدء : بداءAB (٧) ـ مخالفة : فخالفه B (٨) ـ قبل : ـ B (٩) ـ بنصر الله : ـ C (١٠) المؤمنون : المؤمنين C (١١) ـ قوله : قول الله C