قالوا هو سجع الكهّان (٢) ومرّة (١) قالوا هو بلاغة وفصاحة ولو شئنا لقلنا مثل هذا (٣). ولما اعيتهم الحيل ولم يدروا من أىّ صنف هو ، اجتمعوا وتشاوروا (٤) فى ذلك وتدبّروا فيه ؛ فانتدب الوليد بن مغيرة المخزومى وكان مبجلا (٥) فيهم ، فقال (٦) : قد تدبّرت كلام محمد وما هو الّا سحر يؤثر ، ألا ترونه كيف يأخذ بقلوب الناس؟! فقالت قريش : صدقت والقول ما قلت ؛ واتّفقوا بعد ذلك على أنّه سحر. وكان هذا التّشبيه عندهم أوكد وأبلغ من سائر ما قالوا فيه (٧) إنّه شعر وخطب وسجع. فأنزل الله عزوجل فى ذلك وفى الوليد بن المغيرة : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) إلى قوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) فاستنكفوا واستكبروا وأدبروا عنه وقالوا كيف اختار الله محمّدا من بيننا ، فهلّا اختار عروة بن مسعود الثّقفى ، فانّه اكثر أهل مكّة والطائف مالا وأوفرهم عقلا وأعظمهم جاها؟! ما هذا إلّا سحر!! فانزل الله عزوجل : (وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ، يعنون به (٨) عروة بن مسعود ، ثم قال : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) أى إنّ الله عزوجل يقسم فى خلقه نعمه دينا ودنيا ، فمن شاء رزقه من (٩) أعراض الدّنيا ، ومن شاء اختاره للنبوّة واختصّه برحمته وجعله سببا لرحمته بعباده ، وهو يعلم بحيث يجعل رسالته (١٠) ؛ لأنّه جلّ ذكره أعرف (١١) بنيّات الخلائق ، وليست القسمة إليهم فيختاروا من
__________________
(١) ـ قالوا ... مرة : ـ B (٢) الكهان : ـ C (٣) ـ هذا : ـ A (٤) تشاوروا : شاورواA (٥) ـ مبجلا : سجلاA (٦) فقال : ـ C (٧) ـ فيه : ـ C (٨) ـ به : ـ AB (٩) ـ من : ـ B (١٠) رسالته : رسالاته AC ـ (١١) ـ اعرف : يعرف ABC