بمنزلة بذر يبذره (١) الزّراع فى أرضه ، فمنه ما يقع على صخرة ومنه (٢) ما يقع على سبخة ، ومنه ما يقع على صعيد طيب ؛ فعلى حسب ذلك يزكو وينبت ، كما قد ذكرنا أنّه مكتوب فى الإنجيل. وبهذا وصف عزوجل محمّدا (٣) (ص) وأصحابه ومن تبعه وأخذ عنه وقبل كلامه ، فقال عزوجل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ). الى قوله : (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) فشبه تبارك اسمه (٤) محمّدا ونبوته بالزّرع وشبّه أتباعه وأصحابه بشطإ (٥) الزّرع والشّطأ هو فراخ الزّرع وصغاره التى تنبت (٦) حوله بمنزلة الحبّة التى تنبت ساقا واحدة (٧) ، ثم ينبت حول تلك السّاق فراخ كثيرة (٨) ، فمن أجاب محمّدا (ص) إلى يومنا هذا ، هم زرعه ، وغذاؤهم القرآن وبه قوامهم. ولو لا القرآن الّذي ورّثه محمد (ص) أمّته وما فيه من القوّة الشّديدة التى قد جمعت (٩) قلوب البشر على قبوله وقبول أحكامه ، لما استقام أمر الأنام ولا اعتدل (١٠) أمر العالم. ولو لا (١١) ما أثّرت تلك القوى الرّوحانيّة فى أنفس البشر لما قبلوه ولما بقى أثره فى العالم إلى هذا اليوم. ولكنّه يزداد ويقوى على مرور الأيّام لأنّها قوة إلهيّة مقدّسة من كلام (١٢) الله عزوجل. ولو لا ذلك لكان سبيل القرآن سبيل مسيلمة وطلحة والأسود العنسيّ وغيرهم من المتنبّين (١٣) الكذّابين ولكان رسمه لا يبقى فى العالم ، كما أنّ كلام أولئك ورسومهم لم تبق فى العالم (١٤). ومن أجل (١٥) هذه القوّة التى فى القرآن سمّوه
__________________
(١) ـ يبذره : يبذه A ، ـ B (٢) منه : منهاA (٣) ـ محمدا : محمدC (٤) ـ تبارك اسمه : ع ج A (٥) ـ بشطإ : شطاءB (٦) تنبت : نبتت C (٧) ـ واحدة : واحداABC (٨) كثيرة : كثيرB ، كثيراC (٩) ـ قد جمعت : ـ A (١٠) ـ اعتدل : اعتدال AC (١١) ولو لا : ـ C (١٢) ـ كلام : ـ C (١٣) ـ المتنبين : المفتنين C (١٤) كما ... العالم : ـ AB (١٥) ـ اجل : ـ B