الجامعة لهم المؤلفة بين قلوبهم على إقامة الشّرائع ؛ كما نرى كيف اختلطت تلك القوّة بأنفسهم ودبّت فى عروقهم وأثّرت فى قلوبهم كما تدبّ العقاقير فى أبدان البشر وتجرى فى عروقهم وتؤثّر فى طبائعهم.
(٧) وإن (١) قال قائل : فما بال هذه القوّة أثّرت فى بعض الانفس دون بعض؟ ولم أثّرت فى أنفس من تبع محمّدا (ص) ولم تؤثّر (٢) فى أنفس من خالفه وعاداه وأخرجه عن أهله وداره؟
قلنا : قد تقدّم القول منّا أن هذه الانفس تلحقها عوارض نفسانيّة لطيفة تفسدها وتنجّسها حتّى لا تقبل تلك التّأثيرات ، كما ذكرنا فى باب الهوى والحسد والكبر والجفاء والبغى والطّغيان والطّعن والعداوة (٣) والخيلاء والنّخوة والافتخار والحرص والأمل والشّك والشّبهة والعتو والشقاق (٤) والعزة وغير ذلك ممّا يشاكل هذه الاسباب المفسدة للانفس. فهذا كان (٥) سبب امتناع تلك القوّة من التّأثير (٦) فى قلوب من خالفه وعاداه. ومثل ذلك موجود بيّن (٧) فى العقاقير التى تؤثّر فى طبائع النّاس ؛ فان الطّباع إذا عارضتها (٨) علّة قويّة امتنعت من (٩) قبول أثر العقاقير فيها ، ومثل حجر المغناطيس اذا حكّ عليه الثّوم لم يجذب (١٠) الحديد ، ولم يظهر أثر قوّته للعارض الّذي منعه ؛ فهكذا كان (١١) سبيل تلك القلوب التى لم تقبل (١٢) أثر القرآن. وكانت قريش قد بليت بهذه (١٣) العوارض ما لم يبل به سائر العرب لانّهم كانوا من (١٤) معدن الشّرف والعزّ ومصاص الفخر وكانوا سكان حرم الله ويقولون :
__________________
(١) ـ وان : فان AB (٢) ـ تؤثر : تأثرB (٣) ـ العداوة : + والعدوان B (٤) ـ الشقاق : النفاق B (٥) ـ كان : ـ C (٦) التأثير : التاثيرات A (٧) ـ بين : ـ AB (٨) ـ عارضتها : عارضهاC (٩) من : عن B (١٠) ـ لم يجذب : يمنع C (١١) ـ كان : C (١٢) تقبل : قبل C (١٣) ـ بهذه : + فى B (١٤) ـ من : فى AB