فهذا فعل القرآن العظيم بقلوب البشر ، أعدنا القول به مرة بعد مرة لتعرف ـ رحمك الله ـ عظم (١) شأنه وما فيه من المعجز الكبير الدّالّ على نبوّة محمد (ص) وهو ظاهر قائم فى العالم ، يزداد قوة على مرور الأيّام تشتد (٢) وتنمو فى مشارق الأرض ومغاربها ، وتثمر هذه (٣) القوة هذه الثّمرة الزّكيّة كما ترى فى هذه الأمصار الكثيرة (٤) التى لا تحصى (٥) عددا فى كل مصر ، فى قصبته وسواده ، من المساجد ما يعجز الناس عن إحصائها ، وكل مسجد يقوم فيه مناد ينادى فى كلّ يوم فى خمسة أوقات ، يشهد بتوحيد الله عزوجل وبتصديق محمّد (ص) وبنبوّته (٦) ، ويدعو إلى إقامة شريعته بأعلى صوته مجّدا مجتهدا. فأى قوّة فى العالم عملت فى أنفس البشر ما عملت قوّة كلام الله الّذي جاء به محمّد (ص)؟ وأىّ دلالة أوكد من هذه ؛ وأى معجزة أبلغ من القرآن؟ وأى كتاب فى العالم أعظم نفعا للبشر منه فى الدّين والدّنيا ، به حقنت الدّماء وحصّنت الأموال ومنعت (٧) أيدى الخلائق ـ بعضهم عن بعض ـ من الفساد فى الأرض؟ ولو لا ذلك لهلك الحرث والنّسل وفسدت الأرض وما فيها.
وهذا (٨) هو المثل الّذي طالب به محمّد (ص) النّاس أن يأتوا به حيث بلّغ عن الله عزوجل ، فقال : (لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) وهذا هو المثل الّذي (٩) طالبنا به الملحد فى كتابه ، فقال : إنّا نطالبكم بالمثل الّذي
__________________
(١) ـ عظم : عظيم AB (٢) تشتد : وتشتدABC (٣) ـ هذه : بهذه B (٤) الكثيرة : الكبيرةC (٥) ـ تحصى : يحصى C (٦) ـ بنبوته : نبوته AC ـ (٧) ـ منعت : منع ABC (٨) ـ وهذا : فهذاABC (٩) ـ الّذي : الذين B