المجسطى وكتب الهندسة والطبّ والمنطق والنّجوم ليس فيها نفع من جهة الدّيانة. وأمّا فى أمور الدّنيا ، فكل الصّناعات أكبر نفعا منها ، وأهلها أوفر حظّا وأغنى بما فى أيديهم ممّن يكسب بتلك الكتب. ومن ازداد فيها نظرا (١) ، إذا (٢) لم يكن متمسّكا بحبل الشّريعة والتّوحيد والنبوّة ، مستبصرا فيه ، مستحكم المعرفة بأمر الدّين ، أدّاه ذلك الى التّعطيل والخروج إلى (٣) الالحاد ، ويدعوه ذلك إلى الاشتغال بكتب هؤلاء الذين تشبّهوا بالفلاسفة والقدماء الحكماء ، وتسمّوا (٤) بأسمائهم ، ووضعوا كتبا مزخرفة ليس فيها إلّا الوساوس المتناقضة على حسب ما فسّرنا وشرحنا اختلالها وتناقضها ، التى تذهل عقل من يشتغل بها وتسلبه لبّه (٥) وتوقعه فى حيرة مهلكة ولا تزيده (٦) إلّا عمى وضلالا (٧). و (٨) لسنا نطعن على المجسطي واقليدس وبطلميوس وغير ذلك من الكتب المنطق والطبّ وما كان من هذا (٩) الجنس ؛ فانّ هذه من الحكماء ، وأظهروا ما فيها من الحكمة بتأييد من الله عزوجل. ولكنّها ليست نظائر (١٠) القرآن. كما أنّ أولئك الحكماء لم يكونوا نظائر لمحمّد (ص) لأنّ حكمة محمّد (ص) عمّت أهل الأرض ، المؤمن والكافر ، على ما قد وصفنا. والحكماء الذين (١١) وضعوا هذه (١٢) الكتب أظهروا للنّاس حكمتهم ليعرّفوا النّاس مراتبهم ، وكان نفع ذلك راجعا إليهم فى انفسهم وإلى من عرف (١٣) فضلهم فى اعصارهم ، فاخذوا عنهم أمر دينهم. وكل واحد منهم كان حكيم دهره ، وكان نفع كلامه وضرّه فى أمر الدّيانة يصل فى عصره الى الذين شاهدوه ، فمن عرف منزلته وفضله ، نفعه ذلك فى دينه
__________________
(١) ـ نظرا : نظرAB (٢) اذا : ان B (٣) ـ الى : وA (٤) ـ تسموا : قسمواA (٥) ـ لبه : ـ C (٦) ـ تزيده : يزيده BC ـ (٧) ضلالا : ضلال BC ـ (٨) و : اوB (٩) ـ هذا : هذه C (١٠) ـ نظائر : بنظائرAB (١١) ـ الذين : والذين A (١٢) هذه : ـ BC (١٣) ـ عرف : عرفهم B