نجوا من هذه الأسباب التى قد ذكرناها ، قلنا :
إنّ من هم (١) منهم فى دار الاسلام قد دخلوا تحت أحكامه لقبولهم الجزية والتزامهم (٢) الذّلّة والصّغار. وبذلك حقنوا دماءهم وحصنوا اموالهم وذراريهم. ومن هم (٣) فى الممالك التى هى خارجة عن دار الاسلام فإنّهم متعلقون برسوم الأنبياء (ع) ؛ وبتلك الآثار ساسوا ممالكهم ، وبتلك الشّرائع انتظمت أمورهم ، لا بالمجسطى وبطليموس وكتب المنطق واقليدس وكتب الطّب ، بل بقوّة كتب الأنبياء (ع) التى قد بقيت آثارها فى أيديهم ؛ وان كانت قوة كتاب محمد (ص) هى أعظم وأجّل منها ، كما أن مقدار مرتبته ورفيع درجته وعلو منزلته عند الله فوق درجات النّبيّين ، وهذه معجزته القائمة فى العالم.
ومما يزيد فى تاكيدها وإيضاحها أنّ الله عزوجل لمّا أنزل عليه هذا (٤) الكتاب ، وعده (٥) فيه أن يؤثّر فى هذا العالم هذا الأثر العظيم ، وبشّره بذلك فى أوّل أمره (٦) ومبتدأ شأنه قبل أن كان ؛ فأنجز له ما وعده. وقد كان بشّر محمّد (ص) بذلك أمّته وصدق الله عزوجل (٧) بشراه وأنّه وعده أن تعلو ملّته على جميع الملل والأديان علوّا ظاهرا على (٨) حسب ما قد انكشف وظهر للعالمين (٩).
فقال (١٠) : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فأنزل هذه الآية عليه ووعده فيها أن يظهر دينه على جميع الأديان فى مشارق الأرض ومغاربها ، فقد ظهر عليها وقهرها وهو يزيد
__________________
(١) ـ هم : هوABC (٢) ـ التزامهم : الزامهم C (٣) ـ هم : هوBC ـ (٤) ـ هذا : ـ B (٥) وعده : وعدةA (٦) ـ امره : مرةA (٧) ـ عزوجل : ـ A (٨) ـ على : ـ A (٩) للعالمين : للعالم C (١٠) فقال : + الله C ، عزوجل B