برقابهم وجعلت ربقة الاسلام فى اعناقهم وربطوا بها أوثق رباط كما قال بعض الشّعراء المخضرمين (١) ، حين أسلم وقبل أحكام الاسلام وترك أمر الجاهليّة من الزّنى (٢) وشرب الخمور والميسر وغير ذلك من الفحشاء والمنكر ، فقال فى شعره :
وليس كعهد الدّار يا أمّ مالك |
|
ولكن أحاطت بالرّقاب السّلاسل |
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل |
|
سوى العدل شيئا فاستراح العواذل |
فهذا نفع القرآن وضرّه فى الدّنيا والآخرة.
فان قال قائل : إنّ أمر الآخرة غائب ولا يدرى (٣) ما يكون من نفعه وضرّه هناك ، قلنا : فان كان ذلك أمرا غائبا (٤) يقدر الملحد على إنكاره ، فكيف يجوز دفع ما يعاينه ويشاهده فى الدّنيا؟ أو ليس من قد دخل تحت أحكام القرآن ، قد آوى إلى ركن وثيق وحصن منيع ، لا حصن فى العالم أمنع منه؟ ومن خرج عن أحكامه فلا مأوى له ولا وزر ، ولا ملجأ ولا عنصر؟ فأيّ كتاب يعدل (٥) القرآن وأىّ شاهد أعدل (٦) من هذه القوة التى قد ظهرت منه؟ وأىّ دليل أوكد من هذا : أنّه كلام الله ومعجز (٧) محمّد (ص) ولا يقدر على مثل هذه القوة الّا الله؟ ومن يقدر على دفع هذا (٨) إلّا مباهت مكابر أو مجنون مختبل؟
فان قال قائل : إنّ أهل الملل لم يدخلوا تحت أحكام القرآن وقد
__________________
(١) ـ المخضرمين : للمخضرمين C (٢) ـ الزنى : الزناBC ـ (٣) ـ يدرى : يدرك A (٤) ـ امرا غائبا : امر غائب C (٥) ـ يعدل : + فى C (٦) اعدل : اعظم C (٧) ـ معجز : معجزةC (٨) ـ هذا : هذه AB