وجوه بعض بالسّيف ، ويعمّ البلاء (١) ويهلكون (٢) بالتّعادى والمجاذبات ؛ وقد هلك بذلك كثير من النّاس (٣) كما نرى.
قلت : ألست تزعم أنّ البارى جلّ جلاله (٤) حكيم (٥) رحيم؟
قال : نعم!
قلت : فهل ترى الحكيم فعل بخلقه (٦) هذا الّذي تزعم أنه أولى بحكمته ورحمته ، وهل احتاط لهم ، فألهم الجميع ذلك ، وجعل هذه الهبة عامّة ، ليستغنى (٧) الناس بعضهم عن بعض ، وترتفع عنهم الحاجة ، إذ كان ذلك أولى بحكمته ورحمته؟
قال : نعم!
قلت : أوجدنى حقيقة ما تدّعى. فانّا لا نرى فى العالم إلّا إماما ومأموما وعالما ومتعلما فى جميع الملل والأديان والمقالات من أهل الشرائع وأصحاب الفلسفة التى هى أصل مقالتك ؛ ولا نرى النّاس يستغنى بعضهم عن بعض (٨) ، بل كلهم محتاجون بعضهم الى بعض غير مستغنين بإلهامهم عن الأئمّة والعلماء ، ولم يلهموا (٩) ما ادعيت من منافعهم ومضارهم فى أمر العاجل والآجل ، بل أحوجوا إلى علماء يتعلمون منهم وأئمّة يقتدون بهم وراضة يروضونهم (١٠) ؛ وهذا عيان لا يقدر على دفعه إلّا مباهت ظاهر البهت والعناد. وأنت مع ذلك تدّعى أنك قد خصصت بهذه العلوم التى تدّعيها من الفلسفة (١١) ، وأن غيرك قد حرم ذلك وأحوج إليك ، وأوجبت عليهم التّعلم منك والاقتداء بك.
(٢) قال : لم أخصّ بها انا (١٢) دون غيرى ، ولكنّى طلبتها وتوانوا فيها ، وإنّما حرموا ذلك لاضرابهم عن النّظر لا لنقص (١٣) فيهم. والدليل على ذلك أنّ احدهم
__________________
(١) ـ البلاء : البلاCB (٢) يهلكون : يهلكواABC (٣) ـ من الناس : والناس A (٤) ـ جل جلاله ـ A (٥) حكيم : هو حكيم A (٦) ـ بخلقه : بخلق C (٧) ـ ليستغنى : ليستغن A (٨) ـ وترتفع ... عن بعض ـ C (٩) ـ ولهم يلهموا : لم يلهمواB ، بل يلهموا فلم C (١٠) ـ يروضونهم : يرضونهم AB (١١) ـ من الفلسفة : والفلسفة (١٢) ـ بها انا بها : BC (١٣) ـ لا لنقص : لنقص A