ولا أخواتكن» وفي رواية للبخاري «إني لو لم أتزوج أم سلمة ما حلت لي» (١) ، فجعل المناط في التحريم مجرد تزوجه أم سلمة ، وحكم بالتحريم لذلك ، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة وجمهور الخلف والسلف.
وقد قيل : بأنه لا تحرم الربيبة إلا إذا كانت في حجر الرجل ، فإذا لم تكن كذلك فلا تحرم.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأنا هشام ـ يعني ابن يوسف ـ عن ابن جريج ، حدثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة ، أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان ، قال : كانت عندي امرأة فتوفيت ، وقد ولدت لي فوجدت عليها ، فلقيني علي بن أبي طالب فقال : ما لك؟ فقلت : توفيت المرأة. فقال علي : لها ابنة؟ قلت : نعم وهي بالطائف. قال : كانت في حجرك؟ قلت : لا ، هي بالطائف قال : فانكحها ، قلت : فأين قول الله (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ)؟ قال : إنها لم تكن في حجرك إنما ذلك إذا كانت في حجرك.
هذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم ، وهو قول غريب جدا ، وإلى هذا ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه. وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك رحمهالله ، واختاره ابن حزم ، وحكى لي شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أنه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية رحمهالله ، فاستشكله وتوقف في ذلك ، والله أعلم.
وقال ابن المنذر ، حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا الأثرم عن أبي عبيدة قوله (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) ، قال : في بيوتكم ، وأما الربيبة في ملك اليمين فقد قال الإمام مالك بن أنس ، عن ابن شهاب : أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وبنتها من ملك اليمين ، توطأ إحداهما بعد الأخرى؟ فقال عمر : ما أحب أن أخبرهما جميعا يريد أن أطأهما جميعا بملك يميني (٢) ، وهذا منقطع.
وقال سنيد بن داود في تفسيره : حدثنا أبو الأحوص ، عن طارق بن عبد الرحمن ، عن قيس ، قال : قلت لابن عباس : أيقع الرجل على امرأة وابنتها مملوكين له؟ فقال : أحلتهما آية وحرمتهما آية ، ولم أكن لأفعله. وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر رحمهالله : لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وبنتها من ملك اليمين ، لأن الله حرم ذلك في النكاح ، قال (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ) وملك اليمين عندهم تبع للنكاح إلا ما روي عن عمر وابن عباس ، وليس على ذلك أحد من أئمة الفتوى ولا من تبعهم.
__________________
(١) صحيح البخاري (نكاح باب ٢٠ ونفقات باب ١٦) وصحيح مسلم (رضاع حديث ١٥ و ١٦) وسنن أبي داود (نكاح باب ٦) وسنن ابن ماجة (نكاح باب ٣٤)
(٢) موطأ مالك (نكاح حديث ٣٣)