في النكاح ، ومن أسلم وتحته أختان ، خيّر فيمسك إحداهما ويطلق الأخرى لا محالة. قال الإمام أحمد (١) : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني ، عن الضحاك بن فيروز ، عن أبيه ، قال : أسلمت وعندي امرأتان أختان ، فأمرني النبي صلىاللهعليهوسلم أن أطلق أحداهما. ثم رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة من حديث ابن لهيعة ، وأخرجه أبو داود والترمذي أيضا من حديث يزيد بن أبي حبيب ، كلاهما عن أبي وهب الجيشاني ، قال الترمذي واسمه ديلم بن الهوشع. عن الضحاك بن فيروز الديلمي ، عن أبيه به ، وفي لفظ للترمذي. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «اختر أيتهما شئت» ، ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن (٢).
وقد رواه ابن ماجة أيضا بإسناد آخر فقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن أبي وهب الجيشاني عن أبي خراش الرعيني ، قال : قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعندي أختان تزوجتهما في الجاهلية ، فقال «إذا رجعت فطلق إحداهما» (٣) قلت : فيحتمل أن أبا خراش هذا هو الضحاك بن فيروز ، ويحتمل أن يكون غيره ، فيكون أبو وهب قد رواه عن اثنين عن فيروز الديلمي ، والله أعلم.
وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا أحمد بن يحيى الخولاني ، حدثنا هيثم بن خارجة ، حدثنا يحيى بن إسحاق عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن رزيق بن حكيم ، عن كثير بن مرة ، عن الديلمي ، قال : قلت : يا رسول الله ، إن تحتي أختين ، قال «طلق أيهما شئت» ، فالديلمي المذكور أولا هو الضحاك بن فيروز الديلمي قال أبو زرعة الدمشقي : كان يصحب عبد الملك بن مروان ، والثاني هو أبو فيروز الديلمي رضي الله عنه ، وكان من جملة الأمراء باليمن الذين ولوا قتل الأسود العنسي المتنبي لعنه الله.
وأما الجمع بين الأختين في ملك اليمين فحرام أيضا لعموم الآية. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة ، عن عبد الله بن أبي عنبة أو عتبة عن ابن مسعود أنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين ، فكرهه فقال له ـ يعني السائل : يقول الله تعالى : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) فقال له ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : وبعيرك مما ملكت يمينك. وهذا هو المشهور عن الجمهور والأئمة الأربعة وغيرهم ، وإن كان بعض السلف قد توقف في ذلك. قال الإمام مالك (٤) ، عن ابن شهاب ، عن قبيصة بن ذؤيب : أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين ، هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان : أحلتهما آية وحرمتهما آية ، وما كنت لأصنع ذلك ، فخرج من عنده ، فلقي رجلا من أصحاب
__________________
(١) مسند أحمد ٤ / ٢٣٢.
(٢) سنن الترمذي (نكاح باب ٣٤)
(٣) سنن ابن ماجة (نكاح باب ٣٩)
(٤) موطأ مالك (نكاح حديث ٣٤)