النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله عن ذلك ، فقال : لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. قال مالك : قال ابن شهاب : أراه علي بن أبي طالب. قال : وبلغني عن الزبير بن العوام مثل ذلك.
قال ابن عبد البر النمري رحمهالله في كتاب الاستذكار : إنما كنى قبيصة بن ذؤيب عن علي بن أبي طاب لصحبته عبد الملك بن مروان ، وكانوا يستثقلون ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ثم قال أبو عمر (١) : حدثني خلف بن أحمد قراءة عليه : أن خلف بن مطرف حدثهم : حدثنا أيوب بن سليمان وسعيد بن سليمان ومحمد بن عمر بن لبابة ، قالوا : حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري عن موسى بن أيوب الغافقي ، حدثني عمي إياس بن عامر ، قال : سألت علي بن أبي طالب فقلت : إن لي أختين مما ملكت يميني ، اتخذت إحداهما سرية فولدت لي أولادا ثم رغبت في الأخرى فما أصنع؟ فقال علي رضي الله عنه : تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى ، قلت : فإن ناسا يقولون : بل تزوجها ثم تطأ الأخرى ، فقال علي : أرأيت إن طلقها زوجها أو مات عنها ، أليس ترجع إليك؟ لأن تعتقها أسلم لك. ثم أخذ علي بيدي فقال لي : إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله عزوجل من الحرائر إلا العدد ، أو قال : إلا الأربع ، ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب ، ثم قال أبو عمر (٢) : هذا الحديث رحلة (٣) ، لو لم يصب الرجل من أقصى المغرب أو المشرق إلى مكة غيره لما خابت رحلته. قلت : وقد روي عن علي نحو ما روي عن عثمان.
وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن العباس ، حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي ، حدثنا عبد الرحمن بن غزوان ، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال لي علي بن أبي طالب : حرمتهما آية وأحلتهما آية ـ يعني الأختين ـ قال ابن عباس : يحرمهن عليّ قرابتي منهن ولا يحرمهن عليّ قرابة بعضهن من بعض ، يعني الإماء وكانت الجاهلية يحرمون ما تحرمون إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين. فلما جاء الإسلام أنزل الله (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) [النساء : ٢٢] (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) يعني في النكاح.
ثم قال أبو عمر : روى الإمام أحمد بن حنبل ، حدثنا محمد بن سلمة عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن ابن مسعود ، قال : يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد ، وعن ابن مسعود والشعبي نحو ذلك. قال أبو عمر : وقد روي مثل قول عثمان عن طائفة من السلف منهم
__________________
(١) هو ابن عبد البرّ.
(٢) أي يستحق أن تشدّ الرحال إلى من يرويه. يقال : هو رحلة زمانه ، أي تشد الرحال إليه لاستماع حديثه.
(٣) رواه السيوطي باختصار في الدر المنثور ٢ / ٢٤٤.