مصاف هؤلاء ثم ركع فركعوا جميعا ، ثم رفع فرفعوا جميعا ، ثم سجد النبي صلىاللهعليهوسلم والصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم ، فلما جلسوا جلس الآخرون فسجدوا ، ثم سلم عليهم ، ثم انصرف ، قال : فصلاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرتين : مرة بعسفان ، ومرة بأرض بني سليم.
ثم رواه أحمد عن غندر عن شعبة عن منصور به نحوه ، وهكذا رواه أبو داود (١) عن سعيد بن منصور ، عن جرير بن عبد الحميد ، والنسائي من حديث شعبة ، وعبد العزيز بن عبد الصمد ، كلهم عن منصور به ، وهذا إسناد صحيح وله شواهد كثيرة ، فمن ذلك ما رواه البخاري (٢) حيث قال : حدثنا حيوة بن شريح ، حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قام النبي صلىاللهعليهوسلم وقام الناس معه ، فكبر وكبروا معه ، وركع وركع ناس منهم ، ثم سجد وسجدوا معه ، ثم قام للثانية فقام الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم ، وأتت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه والناس كلهم في الصلاة ، ولكن يحرس بعضهم بعضا. وقال ابن جرير (٣) : حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي عن قتادة ، عن سليمان بن قيس اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة أي يوم أنزل؟ أو أي يوم هو؟ ، فقال جابر : انطلقنا نتلقى عيرا لقريش آتية من الشام حتى إذا كنا بنخلة ، جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد هل تخافني؟ قال : «لا» قال فمن يمنعك مني؟ قال : «الله يمنعني منك» قال : فسل السيف ، ثم تهدده وأوعده ، ثم نادى بالترحل وأخذ السلاح ، ثم نودي بالصلاة فصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى تحرسهم ، فصلى بالذين يلونه ركعتين ، ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم ، فقاموا في مصاف أصحابهم ، ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين ، والآخرون يحرسونهم ، ثم سلم فكانت للنبي صلىاللهعليهوسلم أربع ركعات ، وللقوم ركعتين ركعتين ، فيومئذ أنزل الله في إقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح.
ورواه الإمام أحمد (٤) فقال : حدثنا سريج ، حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر ، عن سليمان بن قيس اليشكري ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قاتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم محارب خصفة ، فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالسيف ، فقال : من يمنعك مني؟ قال : «الله» ، فسقط السيف من يده ، فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «ومن يمنعك مني؟» قال : كن خير آخذ. قال : «أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله»؟ قال : لا ، ولكن أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك ، فخلى سبيله ، فأتى قومه فقال : جئتكم من عند خير
__________________
(١) سنن أبي داود (صلاة باب ١٢)
(٢) صحيح البخاري (صلاة الخوف باب ٣)
(٣) تفسير الطبري ٤ / ٢٤٧.
(٤) مسند أحمد ٣ / ٣٦٥.