حديث آخر : قال الإمام أحمد (١) : حدثنا سفيان عن فرات ، عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : أشرف علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عرفة ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى ابن مريم والدجال ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق ـ أو تحشر ـ الناس تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا» وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث فرات القزاز به. ورواه مسلم أيضا من رواية عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل ، عن أبي سريحة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري موقوفا ، والله أعلم ، فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من رواية أبي هريرة وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص ، وأبي أمامة والنواس بن سمعان وعبد الله بن عمرو بن العاص ومجمع بن جارية وأبي سريحة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم ، وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه من أنه بالشام بل بدمشق عند المنارة الشرقية ، وأن ذلك يكون عند إقامة صلاة الصبح ، وقد بنيت في هذه الأعصار في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة منارة للجامع الأموي بيضاء من حجارة منحوتة عوضا عن المنارة التي هدمت بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى ـ عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ـ وكان أكثر عمارتها من أموالهم ، وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها المسيح عيسى ابن مريم عليهالسلام ، فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية ، فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين ، وهذا إخبار من النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان ، حيث تنزاح عللهم وترتفع شبههم من أنفسهم ، ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى عليهالسلام وعلى يديه ، ولهذا قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) الآية ، وهذه الآية كقوله : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) [الزخرف: ٦١] وقرئ (لعلم) بالتحريك أي أمارة ودليل على اقتراب الساعة ، وذلك لأنه ينزل بعد خروج المسيح الدجال فيقتله الله على يديه ، كما ثبت في الصحيح أن الله لم يخلق داء إلا أنزل له شفاء ، ويبعث الله في أيامه يأجوج ومأجوج فيهلكهم الله تعالى ببركة دعائه ، وقد قال تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) [الأنبياء : ٩٦] الآية.
صفة عيسى عليهالسلام
قد تقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة «فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ، عليه ثوبان ممصران ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل» ، وفي حديث
__________________
(١) مسند أحمد ٤ / ٧.