النواس بن سمعان «فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان اللؤلؤ ، لا يحل لكافر أن يجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث انتهى طرفه» ، وروى البخاري ومسلم من طريق الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليلة أسري بي لقيت موسى قال فنعته فإذا رجل أحسبه ، قال : «مضطرب رجل (١) الرأس كأنه من رجال شنوءة» قال «ولقيت عيسى» فنعته النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «ربعة أحمر كأنه خرج من ديماس» يعني الحمام ، «ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به» الحديث ، وروى البخاري من حديث مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت موسى وعيسى وإبراهيم ، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر ، وأما موسى فآدم جسيم سبط كأنه من رجال الزط» ، وله ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن نافع ، عن ابن عمر ، ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال ، فقال : «إن الله ليس بأعور ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية» ، ولمسلم عنه مرفوعا «وأراني الله عند الكعبة في المنام ، وإذا رجل آدم كأحسن ما ترى من آدم الرجال ، تضرب لمته بين منكبيه ، رجل الشعر ، يقطر رأسه ماء ، واضعا يديه على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا؟ قالوا : هو المسيح ابن مريم ، ثم رأيت وراءه رجلا جعدا قططا ، أعور العين اليمنى ، كأشبه من رأيت بابن قطن ، واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا؟ قالوا : المسيح الدجال» تابعه عبيد الله عن نافع.
ثم رواه البخاري عن أحمد بن محمد المكي ، عن إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : لا والله ما قال النبي صلىاللهعليهوسلم لعيسى أحمر ، ولكن قال : «بينما أنا نائم أطوف بالكعبة ، فإذا رجل آدم سبط الشعر ، يتهادى بين رجلين ينطف رأسه ماء ـ أو يهراق رأسه ماء ـ فقلت : من هذا؟ فقالوا ابن مريم ، فذهبت ألتفت ، فإذا رجل أحمر جسيم ، جعد الراس ، أعور عينه اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية ، قلت : من هذا؟ قالوا : الدجال ، وأقرب الناس به شبها ابن قطن» قال الزهري : رجل من خزاعة هلك في الجاهلية ، هذه كلها ألفاظ البخاري (٢) رحمهالله ، وقد تقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة أن عيسى عليهالسلام يمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة ، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون وفي حديث عبد الله بن عمر عند مسلم أنه يمكث سبع سنين فيحتمل ـ والله أعلم ـ أن يكون المراد بلبثه في الأرض أربعين سنة مجموع إقامته فيها قبل رفعه ، وبعد نزوله ، فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة ، في الصحيح ، وقد ورد ذلك في حديث في صفة أهل الجنة أنهم على صورة آدم وميلاد عيسى ثلاث وثلاثين سنة ، وأما ما حكاه ابن عساكر عن بعضهم أنه رفع وله مائة وخمسون سنة فشاذ غريب بعيد.
__________________
(١) رجل الرأس : شعره بين الجعودة والسبوطة.
(٢) صحيح البخاري (أنبياء باب ٤٨)