مرمة (١) لمعاش ، أو لذة في غير محرم ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه حافظا للسانه ، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه». قال : قلت : يا رسول الله ، فما كانت صحف موسى؟ قال «كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح ، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب ، وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها ، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل». قال : قلت : يا رسول الله ، فهل في أيدينا شيء مما كان في أيدي إبراهيم وموسى ، وما أنزل الله عليك؟ قال «نعم اقرأ يا أبا ذر (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى* بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا* وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى * إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) ، [الأعلى : ١٤ ـ ١٩]. قال : قلت : يا رسول الله ، أوصني قال : أوصيك بتقوى الله فإنه رأس أمرك قال : قلت يا رسول الله زدني قال «عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض» قال : قلت : يا رسول الله زدني. قال «إياك وكثرة الضحاك ، فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه» ، قال : قلت : يا رسول الله زدني ، قال : «عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي». قلت : زدني. قال «عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان ، وعون لك على أمر دينك». قلت : زدني قال : «انظر إلى من هو تحتك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فإنه أجدر لك أن لا تزدري نعمة الله عليك». قلت : زدني. قال : «أحبب المساكين وجالسهم ، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك». قلت : زدني قال : «صل قرابتك وإن قطعوك». قلت : زدني. قال : «قل الحق وإن كان مرا» قلت : زدني. قال «لا تخف في الله لومة لائم». قلت : زدني. قال «يردك عن الناس ما تعرف من نفسك ، ولا تجد عليهم فيما تحب ، وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك ، أو تجد عليهم فيما تحب» ، ثم ضرب بيده صدري فقال : «يا أبا ذر ، لا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق».
وروى الإمام أحمد (٢) عن أبي المغيرة ، عن معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة أن أبا ذر سأل النبي صلىاللهعليهوسلم ، فذكر أمر الصلاة والصيام والصدقة ، وفضل آية الكرسي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأفضل الشهداء ، وأفضل الرقاب ، ونبوة آدم وأنه مكلم ، وعدد الأنبياء ، والمرسلين كنحو ما تقدم.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد (٣) : وجدت في كتاب أبي بخطه : حدثني عبد المتعالي بن عبد الوهاب ، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا مجالد عن أبي الوداك ، قال : قال أبو سعيد: هل تقول الخوارج بالدجال؟ قال : قلت : لا ، فقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني خاتم
__________________
(١) أي إصلاح لمعاش.
(٢) مسند أحمد ٥ / ٢٦٥.
(٣) مسند أحمد ٣ / ٧٩.