ألف نبي أو أكثر ، وما بعث نبي يتبع إلا وقد حذر أمته منه ، وإني قد بين لي فيه ما لم يبين لأحد ، وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى كأنها نخامة في حائط مجصص ، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري ، معه من كل لسان ، ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء ، وصورة النار سوداء تدخن» ، وقد رويناه في الجزء الذي فيه رواية أبي يعلى الموصلي عن يحيى بن معين : حدثنا مروان بن معاوية ، حدثنا مجالد عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد ، قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني أختم ألف ألف نبي أو أكثر ، ما بعث الله من نبي إلى قومه إلا حذرهم الدجال» ، وذكر تمام الحديث ، هذا لفظه بزيادة ألف وقد تكون مقحمة ، والله أعلم.
وسياق رواية الإمام أحمد أثبت وأولى بالصحة ، ورجال إسناد هذا الحديث لا بأس بهم ، وقد روي هذا الحديث من طريق جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا مجالد عن الشعبي ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني لخاتم ألف نبي أو أكثر ، وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال ، وإني قد بين لي ما لم يبين لأحد منهم ، وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور»
قوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) وهذا تشريف لموسى عليهالسلام بهذه الصفة ، ولهذا يقال له : الكليم ، وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان المالكي ، حدثنا مسيح بن حاتم ، حدثنا عبد الجبار بن عبد الله ، قال : جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال : سمعت رجلا يقرأ «وكلم الله موسى تكليما» (١) ، فقال أبو بكر : ما قرأ هذا إلا كافر ، قرأت على الأعمش ، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب ، وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي على علي بن أبي طالب ، وقرأ علي بن أبي طالب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عياش رحمهالله على من قرأ كذلك ، لأنه حرف لفظ القرآن ومعناه ، وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن يكون الله كلم موسى عليهالسلام أو يكلم أحدا من خلقه ، كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ «وكلم الله موسى تكليما» فقال له : يا ابن اللخناء ، كيف تصنع بقوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) [الأعراف : ١٤٣]؟ يعني أن هذا لا يحتمل التحريف ، ولا التأويل ، وقال ابن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن الحسين بن بهرام ، حدثنا محمد بن مرزوق ، حدثنا هانئ بن يحيى عن الحسن بن أبي جعفر ، عن قتادة ، عن يحيى بن وثاب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما كلم الله موسى كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء» وهذا حديث غريب ، وإسناده لا يصح ، وإذا صح موقوفا كان جيدا ، وقد روى الحاكم في مستدركه
__________________
(١) أي على نصب كلمة «الله» والفاعل هو موسى.