الجمع بين الكفر والإيمان ، فالإنسان عنده يمكن أن يكون مؤمنا وكافرا فى الوقت ذاته ، وهذا إفك مبين ، وضلال كبير ، وكان عبد البهاء يعلم جيدا أن سادته الأجانب سيقفون يجانبه فى كل محاولاته لزعزعة العقيدة الإسلامية" فلم تجد الحكومة العثمانية بدّا من التحقيق معه ، متهمة إياه بأنه يدعو إلى دين جديد ، ويعمل لتأسيس أمة جديدة ، وبأنه يشيد الحصون ، ويشترى مساحات شاسعة من الأرض فى حيفا وهذا عين ما كانت تفعله الصهيونية حينذاك سنة ١٩٠٧ م ، واقترحت لجنة التحقيق نفيه إلى" فزان" بطرابلس ليبيا ، أو إعدامه ، إذا ثبت صدق ما اتهم به ، غير أن عبد البهاء كان يقسم أمام المحققين فاجر الكذب أنه شيخ مسلم ، ولم يبال بما اقترحوه ، إذ كان واثقا من أن سادته لن يتخلوا عنه" (١).
وكان الإنجليز يعرفون دور عبد البهاء جيدا فى محاولة النيل من العقيدة الإسلامية ، وكانوا يقدرون جهده ويحرصون على مكافأته ومن هذه المكافأة دعوتهم له إلى نزهة فى أوربا ، فنزل سويسرا سنة ١٩١١ م فى أغلى وأفخم فنادقها التى تطل على بحيرة جنوا.
وفى خطابات عبد البهاء نفسه نجد صورا عجيبة : " فقد جلس مرة فى ناد ليلى مع بعض الفتيات اللاتى يسمين بفراشات الليل ، فتحدث عن جمال أبيه ، وشبهه بالمصباح الّذي أشرق ، فتهافتت حوله الفراشات!! فقالت إحداهن : هل نستعد لأن نغمس أجنحتنا فى هذا النور؟ فأجاب فى لهفة وشوق : حسنا قلت ، فإنى مسرور من جوابك". والأمر لا يحتاج إلى تعليق.
__________________
(١) المرجع السابق : ص ١٦٤.