قوله : (هذا رَبِّي) مجرّد فرض لا إذعان قطعي ، وليس مثل هذا غيرَ لائق بشأن الأنبياء.
وفي هذا الصدد يقول السيد المرتضى ـ جواباً عن السؤال ـ : إنّه لم يقل ذلك مخبراً ، وانّما قال فارضاً ومقدّراً على سبيل الفكر والتأمّل.
ألا ترى أنّه قد يحسن من أحدنا إذا كان ناظراً في شيء وممتثلاً بين كونه على إحدى صفتيه أن يفرضه على إحداهما لينظر فيما يؤدي ذلك الفرض إليه من صحة أو فساد ، ولا يكون بذلك مخبراً عن الحقيقة ، ولهذا يصح من أحدنا إذا نظر في حدوث الأجسام وقدمها أنْ يفرض كونها قديمة ليتبين ما يؤدي إليه ذلك الفرض من الفساد. (١)
وقد روي هذا المعنى عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث سئل عن قول إبراهيم : (هذا رَبِّي) أأشرك في قوله : (هذا رَبِّي)؟ فقال عليهالسلام : «لا ، بل من قال هذا ، اليوم فهو مشرك ، ولم يكن من إبراهيم شرك ، وانّما كان في طلب ربّه وهو من غيره شرك». (٢)
وفي رواية أُخرى عن أحدهما (الباقر والصادق ـ عليهماالسلام ـ) : «انّما كان طالباً لربّه ولم يبلغ كفراً ، وانّه من فكّر من الناس في مثل ذلك فإنّه بمنزلته». (٣)
غير أنّ هذا الفرض ربّما لا يكون مرضياً عند بعض العدلية ، لأنّ الأنبياء منذ أن فطموا من الرضاع إلى أن ادرجوا في أكفانهم ، كانوا عارفين بتوحيده سبحانه ذاتاً وفعلاً ، خالقاً وربّاً ، ولو كان هناك إراءة من الله لخليله كما في قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) كانت لزيادة المعرفة وليكون من الموقنين.
__________________
(١). تنزيه الأنبياء : ٢٢.
(٢ و ٣). نور الثقلين : ١ / ٦١٠ ـ ٦١١ ، الحديث ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥١.