انفتاح الباب لزم ذكره عند قوله أو قبله (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) لا في الآية المتقدمة عليه ويظهر ذلك بملاحظتهما حيث قال :
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ ...) (١).
(وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) (٢).
ترى أنّه يذكر همّه بها ورؤية البرهان في آية ثمّ يذكر استباقهما إلى الباب في آية أُخرى مع الفصل بينهما بذكر أُمور منها «إنه كان من المخلصين» ، فلو كان المراد من «رؤية البرهان» هو انفتاح الباب كان المناسب ذكر الاستباق قبلها.
على أنّ الظاهر من قوله (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) هو سدّ الأبواب لا إقفالها بمعنى وضع قفل عليها يمتنع معه فتحها بيسر ، وإنّما لم تقفلها لأنّها لم تكن تتوقع من يوسف أن لا يستجيب لها ويعصي أمرها.
* المعنى الثالث للآية
انّ الهمّ من جانب يوسف هو خطور الشيء بالبال وان لم يقع العزم عليه ، وربّما يستعمل الهم في ذلك ، قال كعب بن زهير :
فكم فهموا من سيد متوسع |
|
ومن فاعل للخير انّ همّ أو عزم |
ولا يخفى أنّ هذا التفسير عليل ، لأنّ الظاهر من الهمّ في كلا الموردين واحد ولم يكن الهمّ من جانب العزيزة إلّا العزم ، والتفكيك بين الهمين خلاف الظاهر.
وعلى كل تقدير فقصة يوسف الواردة في القرآن تدل على نزاهته من أوّل
__________________
(١). يوسف : ٢٤.
(٢). يوسف : ٢٥.