لخصوصية المعلول والمسبب مع عمومية العلة ، وعلى ذلك تكون الآية من دلائل عصمته في حياته ، وسداده فيها على وجه العموم.
وتوهم اختصاصها بالواقعة التي تآمر المشركون فيها لإزلاله من كلمات رماة القول على عواهنه.
٧. انّ التثبيت في مجال التطبيق فرع التثبيت في مجال التفكير ، إذ لا يستقيم عمل إنسان ما لم يتم تفكيره ، وعلى ذلك يفاض على النبي السداد مبتدئاً من ناحية التفكّر منتهياً إلى ناحية العمل ، فهو في ظل هذا السداد المفاض ، لا يفكّر بالعصيان والخلاف فضلاً عن الوقوع فيه.
٨. انّ تسديده سبحانه ، لا يخرجه عن كونه فاعلاً مختاراً في عامة المجالات : الطاعة والمعصية ، فهو بعد قادر على النقض والإبرام والانقياد والخلاف ، ولأجل ذلك يخاطبه في الآيات السابقة بقوله : (إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً).
وعلى ضوء ما ذكرنا فالآية شاهدة على عصمته ، ودالة على عنايته سبحانه برسوله الأكرم فيراقبه ويراعيه ولا يتركه بحاله ، ولا يكله إلى نفسه ، كل ذلك مع التحفّظ على حريته واختياره في كل موقف.
فقوله سبحانه : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ) نظير قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) (١) لكن الأوّل راجع إلى صيانته عن العصيان ، والثاني ناظر إلى سداده عن السهو والخطاء في الحياة ، وسيوافيك توضيح الآية الثانية في البحث الآتي.
__________________
(١). النساء : ١١٣.