الأمد. (١)
الثالثة : انّه سبحانه يأمر نبيه بقوله : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ* وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) ، كما يأمره أيضاً بقوله : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٣) ، (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٤).
إنّ سورتي الشعراء والحجر ، وإن نزلتا بعد سورة «عبس» ، لكن تضافرت الروايات على أنّ الآيات المذكورة في السورتين نزلت في بدء الدعوة ، أي العام الثالث من البعثة عند ما أمره سبحانه بالجهر بالدعوة والإصحار بالحقيقة ، وعلى ذلك فهي متقدمة حسب النزول على سورة «عبس» أويصح بعد هذه الخطابات ، أن يخالف النبي هذه الخطابات بالتولّي عن المؤمن؟! كلّا ثمّ كلّا.
الرابعة : إنّ الرواية تشتمل على ما خطر في نفس النبي عند ورود ابن أُمّ مكتوم من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في نفسه : «يقول هؤلاء الصناديد : إنّما أتباعه العميان والسفلة والعبيد ، فأعرض عنه وأقبل على القوم» وعندئذ يسأل عن كيفية وقوف الراوي على ما خطر في نفس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهل أخبر به النبي؟ أو أنّه وقف عليه من طريق آخر؟!
والأوّل بعيد جداً ، والثاني مجهول.
الخامسة : أنّ الرواية تدلّ على أنّ النبي كان يناجي جماعة من المشركين ، وعند ذلك أتى عبد الله ابن أُمّ مكتوم وقال : يا رسول الله أقرئني ، فهل كان إسكات
__________________
(١). تاريخ القرآن للعلّامة الزنجاني : ٣٦ ـ ٣٧ ، وقد نقل ترتيب نزول القرآن في مكة والمدينة معتمداً على رواية محمد بن نعمان بن بشير التي نقلها ابن النديم في فهرسته ص ٧ طبع مصر.
(٢). الشعراء : ٢١٤ ـ ٢١٥.
(٣). الحجر : ٨٨.
(٤). الحجر : ٩٤.