فعظم المسئولية اقتضى أن يعاتب الله سبحانه نبيّه لترك ما هو الأولى بحاله حتى يرشده إلى ما يعد من أفاضل ومحاسن الأخلاق ، وينبهه على عظم حال المؤمن المسترشد ، وأن تأليف المؤمن ليقيم على إيمانه ، أولى من تأليف المشرك طمعاً في إيمانه ، ومن هذا حاله لا يعد عاصياً لأمر الله ومخالفاً لطاعته.
وأمّا الرواية الثانية : فالظاهر أنّ الرواية نقلت غير كاملة ، وكان لها ذيل يصحح انطباق الخطابات الواردة في الآيات حقيقة على الشخص الذي عبس وتولّى ، وعلى فرض كونها تامّة فالضمير الغائب في «عبس» و «تولّى» و «جاءه» يرجع إلى ذلك الفرد ، وأمّا الخطابات فهي متوجهة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لكن من وجه إليه الخطاب غير من قصد منه ، فهو من مقولة : «إياك أعني واسمعي يا جارة» ومثل هذا يعد من أساليب البلاغة ، وفنون الكلام.