خمس سنين عند رأسها ، فنظرت إلى وجهه وخاطبته بقولها :
إنّ صح ما أبصرت في المنام |
|
فأنت مبعوث إلى الأنام |
فالله أنهاك عن الأصنام |
|
أن لا تواليها مع الأقوام |
ثمّ قالت : كل حي ميت ، وكل جديد بال ، وكل كبير يفنى ، وأنا ميتة ، وذكري باق وولدت طهراً.
وقال الزرقاني في «شرح المواهب» نقلاً عن جلال الدين السيوطي تعليقاً على قولها : وهذا القول منها صريح في أنّها كانت موحّدة ، إذ ذكرت دين إبراهيم عليهالسلام وبشّرت ابنها بالإسلام من عند الله ، وهل التوحيد شيء غير هذا؟! فإنّ التوحيد هو الاعتراف بالله وانّه لا شريك له والبراءة من عبادة الأصنام. (١)
هذا بعض ما ذكره المؤرّخون في أحوال والدي النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والكل يدل على إخلاصهما ونزاهتهما عمّا كان هو السائد في البيئة التي كانا يعيشان فيها.
وأخيراً نوجه نظر القارئ إلى الرأي العام بين المسلمين حول إيمانهما ، قال الشيخ المفيد في «أوائل المقالات» : واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزوجل موحّدون له ، واحتجوا في ذلك بالقرآن والأخبار ، قال الله عزوجل : (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ* وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٢).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات حتى أخرجني في عالمكم هذا» ، وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالب (رحمه
__________________
(١). الاتحاف للشبراوي : ١٤٤ ؛ سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية : ١ / ٥٧.
(٢). الشعراء : ٢١٨ ـ ٢١٩.