نعم استدل بعضهم بقول حسان على ذاك الاستعمال :
تمنى كتاب الله أوّل ليلة |
|
وآخره لاقى حمام المقادر |
وقول الآخر :
تمنى كتاب الله آخر ليلة |
|
تمنّي داود الزبور على رسل |
وهذان البيتان لو صح اسنادهما إلى عربي صميم كحسان لا يحسن حمل القرآن على لغة شاذة.
أضف إلى ذلك انّ البيت غير موجود في ديوان حسان ، وانّما نقله عنه المفسرون في تفاسيرهم ، وقد نقله أبو حيان في تفسيره (ج ٦ ص ٣٨٢) واستشهد به صاحب المقاييس (ج ٥ ص ٢٧٧).
ولو صح الاستدلال به فرضاً فإنّما يتم في اللفظ الأوّل دون الأُمنية لعدم ورودها فيه.
وثانياً : أنّ الرواية لا يمكن أن يحتج بها لجهات كثيرة أقلّها أنّها لا تتجاوز في طرقها عن التابعين ومن هو دونهم إلّا إلى ابن عباس مع أنّه لم يكن مولوداً في الوقت المجعول للقصة.
أضف إلى ذلك ، الاضطراب الموجود في متنها فقد نقل بصور مختلفة يبلغ عدد الاختلاف إلى أربع وعشرين صورة وقد جمع تلك الصور المختلفة العلّامة البلاغي في أثره النفيس ، فلاحظ. (١)
وثالثاً : أنّ القصة تكذّب نفسها ، لأنّها تتضمن أنّ النبي بعد ما أدخل الجملتين الزائدتين في ثنايا الآيات ، استرسل في تلاوة بقية السورة إلى آخرها
__________________
(١). الهدى إلى دين المصطفى : ١ / ١٣٠.