تَضْحى) وانّ أثر المخالفة هو الخروج من الجنّة والتعرض للشقاء الذي يتمثل في الحياة التي فيها الجوع والعرى ، والظمأ وحرّ الشمس ، كل ذلك يدلّ على أنّه سبحانه لم يتخذ لدى النهي موقف الناهي ، الواجبة طاعته ، بل كان ينهى بصورة الإرشاد والنصح والهداية ، وانّه لو خالفه لترتب عليه الشقاء في الحياة والتعب فيها.
٣. انّه سبحانه ـ بعد ما أكل آدم وزوجته من الشجرة وبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة ـ ناداهما : (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١).
فإنّ هذا اللسان ، لسان الناصح المشفق الذي أرشد مخاطبه لمصالحه ومفاسده في الحياة ، ولكنه خالفه ولم يسمع قوله ، فعندئذ يعود ويخاطبه بقوله : ألم أقل لك ... ألم أنهك عن هذا الأمر؟
٤. انّه سبحانه يبيّن أنّ وسوسة الشيطان لهما لم يكن إلّا لإبداء ما وُوري عنهما من سوءاتهما حيث يقول : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) (٢).
وهذا يكشف عن أنّ ما يترتب على الوسوسة ومخالفة آدم عليهالسلام بعدها لم يكن إلّا إبداء ما وُوري عنهما من السوأة ، الذي هو أثر طبيعي للعمل من دون أن يكون له أثر آخر من ابتعاده عن لطفه سبحانه ، وحرمانه عن قربه ، الذي هو أثر المخالفة للخطابات المولوية.
٥. انّه سبحانه يحكي أنّ وسوسة الشيطان لهما كانت بصورة النصح
__________________
(١). الأعراف : ٢٢.
(٢). الأعراف : ٢٠.