وخلق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديراً.
وملك الموت مع أنّه يتوفَّى الأنفس ، وأنزل الله فيه القرآن وقال : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) «السجدة ١١» ، صحَّ مع ذلك الحصر في قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) ، والله هو المميت ولا يشاركه ملك الموت في شيء من ذلك ، كما صحّت النسبة في قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) «النحل ٢٨» ، وفي قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) «النحل ٣٢» ، ولا تعارض في كلِّ ذلك ولا إثم ولا فسوق في إسناد الإماتة إلى غيره تعالى.
والمَلك لا يغشاه نوم العيون (١) ولا تأخذه سِنة الراقد بتقديرٍ من العزيز العليم وجعله ، ومع ذلك لا يشارك الله فيما مدح نفسه بقوله : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ).
ولو أنَّ أحداً مكّنه المولى سبحانه من إحياء موتان الأرض
__________________
يكون علقة مثل ذلك ، ثمّ يكون مضغة مثل ذلك ، ثمّ يبعث الله ملكاً بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ثمّ ينفخ فيه الروح.
أخرجه البخاري في باب ذكر الملائكة في صحيحه ومسلم وغيرهما من أئمة الصحاح إلّا النسائي وأحمد في مسنده ١ ص ٣٧٤ ، ٤١٤ ، ٤٣٠ ، وأبو داود في مسنده ٥ ص ٣٨ ، وذكره ابن الأثير في جامعة ، وابن الدبيع في التيسير ٤ ص ٣٩.
(١) راجع الخطبة الأُولى من نهج البلاغة وشروحها.