ودَبُورٌ وحَرُورٌ وسَمُومٌ اذ سميتَ رجلا بشئ منها صَرَفْتَه لانها صفات فى أكثر كلام العرب سمعناهم يقولون هذه ريحٌ حَرُورٌ وهذه ريح شَمَالٌ وهذه الريحُ الجنوبُ وهذه ريحٌ جَنُوبٌ سمعنا ذلك من فُصحاء العرب لا يعرفون غيره قال الاعشى
لَها زَجَلٌ كَحفِيفِ الحَصا |
|
دِصادفَ بالليلِ ريحًا دَبُورا |
ومعنى قول سيبويه سمعنا ذلك من فصحاء العرب أى من جماعة منهم فُصحاء لا يعرفون غيره قال ويُجْعَلُ اسما وذلك قليل قال الشاعر
حالَتْ وحِيلَ بِهَا وغَيَّر ايَها |
|
صَرْفُ البِلَى تَجْرِى به الرِّيحانِ |
رِيحُ الجَنُوبِ مع الشِّمَالِ وتارةً |
|
رِهَمُ الرَّبيع وصَائبُ التَّهْتانِ |
فمن أضاف اليها جعلها أسماءا ولم يصرف شيئا منها اسْمَ رَجُلٍ وصارت بمنزلة الصَّعُود والهَبُوطِ والحَدُور والعَرُوضِ وهذه أسماءُ أماكنَ وقعت مؤنثة وليست بصفاتٍ فاذا سميتَ بشئ منها مذكرا لم تصرفه ولو سميت رجلا برَبابٍ أو ثَوابٍ أو دَلالٍ انصرف وانْ كَثُرَ رَبابٌ فى أكثر النساء وليست كسُعادَ وأخواتها لان رَبابا اسمٌ معروف مذكر للسحاب سميت المرأةُ به وسُعادُ مؤنث فى الاصل وقال سيبويه فى سُعَادَ وأخواتها انها اشْتُقَّتْ فجعلتْ مختصا بها المؤنث فى التسمية فصارت عندهم كعَناقٍ وكذلك تسميتُك رجلا بمثل عُمَانَ لانها ليست بشئ مذكر معروف ولكنها مشتقة لم تقع الا علما للمؤنث* قال الفارسى* قال أبو عُمَر الجَرْمِىُّ معنى قوله مشتقة أى مُسْتأنفة لهذه الاسماءُ لم تكن من قبلُ أسماءً لأشياء أخر فنقلت اليها وكانها اشتقت من السَّعادة أو من الرَّبَب أو من الْجَأْل وزِيدَ عليها ما زِيدَ من ألف أو ياء لتُوضَع أسماءًا لهذه الاشياء كما أن عَناقا أصله من العَنَقِ وزيدت فيه الالفُ فوُضِعَ لهذا الجنس وما كان من الجموع المكسرة التى تأنيثها بالتكسير اذا سمينا به مذكرا انصرف نحو خُرُوقٍ وكِلابٍ وجِمَالٍ والعربُ قد صرفتْ أنْمارا وكلابا اسمين لرجلين لان هذه الجموع تقع على المذكرين وليست باسم يختص به واحد من المؤنث فيكون مثلَه ألا ترى أنك تقول هم رجالٌ فتُذكر كما ذَكَّرْتَ فى الواحد فلما لم يكن فيه علامة التأنيث وكان يُخْرج اليه المذكرُ ضارَعَ المُذَكَّرَ