وبها سمى سُورُ القرآنِ سُورًا فزعم أن تأنيث تواضعت لان السُّورَ مؤنث اذ كان جمعا ليس بينه وبين واحده الا الهاء واذا كان الجمع كذلك جاز تأنيثه وتذكيره قال الله تعالى (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) فذَكَّرَ وقال (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) فأنث وأما قوله والجبالُ الخُشَّعُ فمن الناس من يرفع الجبالَ بالابتداء ويجعل الخُشَّع خبرا كانه قال والجبالُ خُشَّعٌ ولم يرفعها بتواضعتْ لانه اذا رفعها بتواضعت ذهب معنى المدح لان الخُشَّعَ هى المتضائلة واذا قال تواضعتْ الجبالُ المُتَضائلةُ لموته لم يكن ذلك طريقَ المدح انما حكمُه أن يقول تواضعت الجبالُ الشوامخ وقال بعضهم الجبال مرتفعة بتواضعتْ والخُشَّعُ نعتٌ لها ولم يُرِدْ أنها كانت خُشَّعًا من قبلُ وانما هى خُشَّعٌ لموته فكانه قال تواضعت الجبالُ الخُشَّعُ لموته كما قال رؤبة
* والسَّبُّ تَخْرِيقُ الأَدِيمِ الاخْلَقِ*
وقال ذو الرمة أيضا
مَشَيْنَ كما اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ |
|
أَعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِمِ |
فانث والفعلُ للمَرّ لانه لو قال تَسَفَّهَتْ أَعالِيَها الرياحُ لجاز وقال العجاج
* طُولُ اللَّيالِى أَسْرَعَتْ فى نَقْضِى*
وقال سيبويه وسمعنا من العرب من يقول ممن يوثق به اجتمعتْ أهلُ اليمامة لانه يقول فى كلامه اجتمعت اليمامة وجعله للفظ اليمامة فترَك اللفظَ على ما يكون عليه فى سَعةِ الكلام يعنى ترك لفظَ التأنيثِ فى قولك اجتمعت أهلُ اليمامة على قولك اجتمعت اليمامةُ لما قَدَّمنا* وقال الفراء* لو كَنَيْتَ عن المؤنث فى هذا الباب لم يجز تأنيثُ فِعْلِ المذكر الذى أُضِيفَ اليه فلو قلتَ ان الرياحَ آذَتْنِى هُبُوبُها لم يجز أن تؤنث آذَتْنى اذا جعلتَ الفعلَ للهُبوب واحتج بانا اذا قلنا آذتْنى هُبوبُ الرياح فكانما قلنا آذتنى الرياح وجعلنا الهُبوبَ لغْوًا واذا قلتَ آذَتْنِى هُبوبُها لم يَصْلحُ أن تَجْعل الهُبُوبَ لَغْوًا لان الكنايةَ لا تقومُ بنفسها فتجعل الهبوب لغوا والصحيح عندنا حوازُه وذلك أن التأنيث الذى ذكرناه فانما ذكرناه لَانْ تَجُوزَ العبارةُ عنه بلفظ المؤنث المضاف اليه لا لأنه لَغْوٌ وقد تَجُوزُ العبارةُ بلفظ المؤنث عن ذلك المذكر وان