وولّيت غسله ودفنه أم أنت؟ قال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنا الذي دل عليه رسول اللهصلىاللهعليهوآله بعلم القضاء بقوله : عليّ أقضاكم أم أنت؟ قال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنا الذي أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه بالسلام عليه بالإمرة في حياته أم أنت؟ قال : فأنشدك بالله أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله صلىاللهعليهوآله أم أنا؟ قال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنت الذي حباك الله عزوجل بدينار عند حاجته وباعك جبرائيل واضفت محمّدا صلىاللهعليهوآله وأطعمت ولده أم أنا؟
قال : فبكى أبو بكر وقال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنت الذي حملك رسول الله صلىاللهعليهوآله على كتفيه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو شاء أن ينال أفق السماء لنالها أم أنا؟ قال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنت الذي ، قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة أم أنا؟ قال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنت الذي أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بفتح بابه في مسجده حين أمر بسد جميع أبواب أصحابه وأهل بيته وأحل له فيه ما أحلّ الله له أم أنا؟ قال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنت الذي قدّم بين يدي نجوى لرسول الله صلىاللهعليهوآله صدقة فناجاه أم أنا إذ عاتب الله عزوجل قوما فقال : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الآية؟ قال : بل أنت ، قال : فأنشدك بالله أنت الذي قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله لفاطمة عليهاالسلام : زوّجتك أوّل الناس إيمانا وأرجحهم إسلاما في كلام له أم أنا؟ قال : بل أنت.
قال : فلم يزل عليهالسلام يعد عليه مناقبه التي جعل الله عزوجل له دونه ودون غيره ويقول له أبو بكر : بل أنت. قال : بهذا وشبهه يستحق القيام بامور أمّة محمّد ، فقال له علي : فما الذي غرك عن الله وعن رسوله وعن دينه وأنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه ، قال : فبكى أبو بكر فقال : صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا فأدبّر ما أنا فيه وما سمعت منك ، قال : فقال له علي : لك ذلك يا أبا بكر فرجع من عنده وخلى بنفسه يومه ولم يأذن لأحد إلى الليل ، وعمر يتردّد في الناس لما بلغه من خلوته بعليعليهالسلام فبات في ليلته فرأى رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامه متمثلا له في مجلسه ، فقام إليه أبو بكر ليسلم [عليه] فولّى وجهه ، فقال أبو بكر : يا رسول الله هل أمرت بأمر فلم أفعل ، فقال [رسول اللهصلىاللهعليهوآله] : أردّ السلام عليك وقد عاديت من ولّاه الله ورسوله (١)؟ ردّ الحقّ إلى أهله ، فقلت : من أهله؟ قال : من عاتبك عليه وهو علي.
قال : فقد رددت عليه يا رسول الله بأمرك ، قال : فأصبح وبكى وقال لعلي عليهالسلام : أبسط يدك فبايعه وسلّم إليه الأمر وقال له : اخرج إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله فاخبر الناس بما رأيت في ليلتي وما جرى
__________________
(١) في المصدر : عاديت الله ورسوله وعاديت من وإلى الله ورسوله.