بيني وبينك فاخرج نفسي من هذا الأمر وأسلّم عليك بالإمرة ، قال : فقال علي : نعم فخرج من عنده متغيرا لونه ، فصادفه عمر وهو في طلبه فقال ما : حالك يا خليفة رسول الله؟ فأخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بينه وبين علي عليهالسلام فقال : أنشدك بالله يا خليفة رسول الله أن تغتر بسحر بني هاشم ، فليس هذا بأول سحر منهم ، فما زال به حتى ردّه عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو فيه وأمره بالثبات عليه والقيام به ، قال : فأتى علي عليهالسلام المسجد للميعاد فلم ير فيه [منهم] أحدا فأحسّ بالشرّ منهم فقعد إلى منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فمرّ عمر فقال له : يا علي دون ما تروم خرط القتاد ، فعلم بالأمر وقام ورجع إلى بيته (١).
الرابع : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي الفضل قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن حفص الخثعمي الاسناني قال : حدّثنا عباد بن يعقوب السدي قال : أخبرنا علي بن هاشم بن البريد عن أبيه عن عبد الله بن مخارق عن هاشم بن مساحق عن أبيه أنه شهد يوم الجمل ، وإن الناس لمّا انهزموا اجتمع هو ونفر من قريش فيهم مروان فقال بعضهم لبعض : والله لقد ظلمنا هذا الرجل ونكثنا بيعته على غير حدث كان منه ، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا قط كان أكرم سيرة ولا أحسن عفوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله منه فتعالوا فلندخل عليه ولنعتذر مما صنعنا ، قال : فدخلنا عليه فلمّا ذهب متكلّمنا يتكلم قال : انصتوا أكفكم إنما أنا رجل منكم ، فإن قلت حقا فصدّقوني وإن قلت غير ذلك فردّوه علي، أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قبض وأنا أولى برسول الله صلىاللهعليهوآله وبالناس؟ قالوا : اللهمّ نعم قال : فبايعتم أبا بكر وعدلتم عنّي فبايعت أبا بكر كما بايعتموه وكرهت أن أشقّ عصا المسلمين وأن أفرق بين جماعتهم ، ثم إنّ أبا بكر جعلها لعمر من بعده وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول اللهصلىاللهعليهوآله وبالناس من بعده فبايعت عمر كما بايعتموه فوفيت له ببيعته حتى لما قتل جعلني سادس ستة فدخلت حيث أدخلني ، فكرهت أن أفرق جماعة المسلمين وأشق عصاهم فبايعتم عثمان فبايعته ثم طغيتم على عثمان فقتلتموه وأنا جالس في بيتي ، ثم أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره لأحد منكم فبايعتموني كما بايعتم كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان ، فما جعلكم أحق أن تفوا لأبي بكر وعمر وعثمان ببيعتهم منكم ببيعتي؟ قالوا له : يا أمير المؤمنين كن كما قال العبد الصالح : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٢) ، فقال : كذلك أقول : (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) مع أنّ فيكم رجلا لو بايعني بيده لنكث
__________________
(١) الخصال : ٥٤٨ ج / ٣٠ ، والاحتجاج : ١ / ١٦٣.
(٢) يوسف : ٩٢.