حقه الذي جعله الله تعالى له على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله رجعت الملة المحمدية إلى الجاهلية الجهلاء فلذلك ترك أمير المؤمنين عليهالسلام جهادهم ولم يحمل على عاتقه السيف لما يؤول إلى فساد الدّين وإطفاء الحق المستبين ، فالعذر له ولا عذر للرعية ؛ إذ الواجب عليهم تسليم الأمة والخلافة له عليهالسلام عفوا لما نص عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله بالإمامة والخلافة ، كما هو معلوم عند العامّ والخاص فعذره عليهالسلام واضح وما فعلته الجماعة من بيعة أبي بكر وعمر وعثمان فعلهم واضح حيث انقلبوا على اعقابهم كما قال : الله تعالى (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١).
الثاني : ابن أبي الحديد قال : قال أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحدّثنا أحمد قال : حدّثنا ابن عفير قال : حدّثنا أبو عون عبد الله بن عبد الرّحمن عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهماالسلام أن عليا حمل فاطمة على حمار وسار بها ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة وتسألهم فاطمة الانتصار له وكانوا يقولون : يا ابنة رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به، فقال علي عليهالسلام : أكنت أترك رسول الله صلىاللهعليهوآله ميتا في بيته لا أجهزه وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه؟
وقالت فاطمة عليهاالسلام : ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له وصنعوا هم ما كان الله حسيبهم عليه (٢).
الثالث : ابن أبي الحديد قال : في كتاب معاوية المشهور إلى علي عليهالسلام : وعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار ويداك في يدي ابنيك حسن وحسين يوم بويع أبو بكر الصديق ، فلم تدع أحدا من أهل بدر والسوابق إلا دعوتهم إلى نفسك ومشيت إليهم بامرأتك وأدليت عليهم بابنيك واستنصرتهم على صاحب رسول الله فلم يجبك منهم إلّا أربعة أو خمسة ، ولعمري لو كنت محقا لأجابوك ولكنّك ادّعيت باطلا وقلت ما لا تعرف ورمت ما لم يدرك ، ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك وهيجك : لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم ، فما يوم المسلمين منك بواحد ولا بغيك على الخلفاء بظريف ولا مستبدع (٣).
الرابع : ابن أبي الحديد قال : وروى أبو جعفر الطبري عن الشعبي يقال : إن عليا عليهالسلام لما استنجد بالمسلمين عقيب يوم السقيفة وما جرى فيه وكان يحمل فاطمة عليهاالسلام ليلا على حمار وابناها بين يدي الحمار وعلي عليهالسلام يسوقه فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ويسألهم النصرة والمعونة أجابه
__________________
(١) آل عمران : ١٤٤.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ١٣.
(٣) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٤٧.