أربعون رجلا ، فبايعهم على الموت وأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقي رءوسهم ومعهم سلاحهم فاصبح لم يوافه عليهالسلام منهم إلّا أربعة الزبير والمقدار وأبو ذر وسلمان ، ثم أتاهم من الليل فناشدهم فقالوا نصبحك غدوة فما جاء منهم إلا أربعة ، وكذلك في الليلة الثالثة وكان الزبير أشدّهم له نصرة وأنفذهم في طاعته بصيرة ، حلق رأسه وجاءه مرارا وفي عنقه سيفه ، وكذلك الثلاثة الباقون إلّا أن الزبير هو كان الرأس فيهم، وقد نقل الناس خبر الزبير لمّا هجم عليه ببيت فاطمة عليهاالسلام وكسر سيفه في صخرة ضربت به ، ونقلوا اختصاصه بعلي عليهالسلام وخلواته به (١).
الخامس : ابن أبي الحديد وقد روى كثير من المحدثين أن عليا عقيب يوم السقيفة تظلم وتألم واستنجد واستصرخ حيث ساموه إلى الحضور والبيعة وأنه قال وهو يشير إلى القبر : «يا ابن أمّ إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني» وأنه قال : وا جعفراه ولا جعفر لي ، وا حمزتاه ولا حمزة لي اليوم (٢).
السادس : ابن أبي الحديد قال : روى كثير من المحدثين عن علي عليهالسلام أن رسول اللهصلىاللهعليهوآله قال له : إن الله قد كتب عليك جهاد المفتونين كما كتب علي جهاد المشركين قال : قلت : يا رسول الله ما هذه الفتنة التي كتب علي فيها الجهاد؟ قال : قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وهم مخالفون للسنّة فقلت : يا رسول الله فعلام أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟ قال : على الإحداث في الدين ومخالفة الأمر فقلت : يا رسول الله إنّك كنت وعدتني الشهادة فاسأل الله أن يعجلها إلي بين يديك قال : فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، أما إنّي وعدتك الشهادة وستستشهد ، تضرب على هذه فتخضب هذه ، فكيف صبرك إذا؟ فقلت : يا رسول الله ليس ذا بموطن صبر ، هذا موطن شكر ، قال : أجل ، أصبت فأعد للخصومة فإنّك مخاصم ، فقلت : يا رسول الله لو بينت لي قليلا ، فقال : إن أمتي ستفتتن من بعدي فتتناول القرآن وتعمل بالرأي وتستحل الخمر بالنبيذ والسّحت بالهدية والربا بالبيع ، وتحرف الكتاب عن مواضعه وتغلب كلمة الضلال ، فكن جليس بيتك حتى تقلّدها ، فإذا قلّدتها جاشت عليك الصدور وقلبت لك الأمور ، تقاتل حينئذ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فليست حالهم الثانية بدون حالهم الأولى ، فقلت : يا رسول الله فبأي المنازل أنزل هؤلاء المفتونين من بعدك أبمنزلة فتنة أم بمنزلة ردّة؟ فقال : بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت : يا رسول الله أيدركهم العدل منا أم من غيرنا؟ قال : بل منّا ، بنا فتح الله وبنا يختم وبنا ألّف الله بين القلوب بعد الشرك ، وبنا يؤلّف القلوب بعد الفتنة ،
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١١ / ١٤.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١١ / ١١١.