قلت : نعم يا أمير المؤمنين قال : فنزل ناحية فتوضّأ ثمّ قام فنطق الكلام لا أحسبه إلّا بالعبرانية ثمّ نادى بالصلاة فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير فصلّى العصر فصلّيت معه ، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان فالتفت إليّ فقال : يا جويرية إنّ الله تبارك وتعالى يقول : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) وإنّي سألت الله سبحانه باسمه الأعظم فردّ عليّ الشمس (١).
الخامس عشر : ثاقب المناقب عن داود بن كثير الرّقي عن جويرية بن مسهر قال : لمّا رجعنا من قتال أهل النهروان مررنا ببابل فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إنّ هذه أرض معذّبة قد عذّبت مرّتين، وقد هلك فيها مائة ألف ومائتان فلا يصلّي فيها نبيّ ولا وصيّ نبيّ فمن أراد منكم فليصلّ العصر، قال جويرية : فقلت والله لأقلّدنّ الليلة ديني وأمانتي قال : فسرنا إلى أن غابت الشمس واشتبكت النجوم ودخل وقت العشاء الآخرة ، فلمّا خرجنا من أرض بابل نزل صلوات الله عليه عن البغلة ثمّ نفض التراب عن حوافرها ثمّ قال لي : يا جويرية انفض التراب عن حوافر دابّتك قال : ففعلت ، ثمّ قال لي : يا جويرية أذّن للعصر قال : فقلت : ثكلتك أمّك يا جويرية ذهب النهار وهذا الليل ، وأذّنت للعصر فرجعت الشمس فسمعت لها صريرا كصرير البكرة حتّى عادت إلى موضعها للعصر بيضاء نقيّة قال : فصلّى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثمّ قال : أذّن للمغرب يا جويرية فأذّنت فرأيت الشمس راجعة كالفرس الجواد ثمّ صلّيت المغرب ثمّ قال : أذّن للعشاء الآخرة ثمّ قلت : وصيّ محمّد وربّ الكعبة ثلاث مرّات ، لقد ضلّ وهلك وكفر من خالفك (٢).
السادس عشر : أبو علي الطبرسي في كتاب اعلام الورى ، والمفيد في إرشاده رويا أنّه لما أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من الصحابة بتعبير دوابّهم ورحالهم وصلّى عليهالسلام بنفسه في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتّى غربت الشمس ففاتت الصلاة كثيرا منهم وفات الجمهور فضل الاجتماع معه فتكلّموا في ذلك ، فلمّا سمع كلامهم فيه سأل الله تعالى عزّ اسمه ردّ الشمس عليه لتجتمع كافّة الصحابة على صلاة العصر في وقتها ، فأجابه الله تعالى إلى ردّها عليه وكانت في الأفق على الحال التي تكون عليها وقت العصر ، فلمّا سلّم بالقوم غابت ، فسمع لها وجيب شديد هال الناس ذلك وأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار ، والحمد لله على نعمته التي ظهرت فيهم وسار خبر ذلك في الآفاق وانتشر ذكره في الناس (٣).
__________________
(١) نقله عنه المجلسي في البحار : ٣٣ / ٤٤٠ / ح ٦٤٧.
(٢) الثاقب في المناقب ٢٥٣ / فصل ٦ / ح ١.
(٣) الإرشاد : ١ / ٣٤٦. إعلام الورى : ١ / ٣٥١.