قال : فلمّا أصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي وحضرت الصلاة فقمت في الصفّ الأوّل لفضله وإلى جانبي على يساري شاب معتمّ بعمامة فذهب ليركع فسقطت عمامته من رأسه فنظرت إليه فإذا رأسه رأس خنزير ووجهه وجه خنزير ، قال أبو جعفر فو الذي أحلف به ما علمت ما أنا فيه ولا عقلت أنا في الصلاة أم في غير صلاة تعجّبا ، ودهشت حتّى ما أدري ما أقول في صلاتي إلى أن فرغ الإمام من التشهّد فسلّم وسلّمت ثمّ قلت له : ما هذا الذي أراك؟ فقال لي : لعلّك صاحب أخي الذي أرسلك إليّ لتراني؟
قال : قلت : نعم ، فأخذ بيدي وأقامني وهو يبكي بكاء شديدا ثمّ شهق في مكانه حتّى كادت نفسه أن تزهق ثمّ أتى بي إلى منزله فقال لي انظر الى هذا البنيان فنظرت إليه فقال لي : اعلم يا أخي إنّي كنت أؤذّن وأؤمّ بالناس ، وكنت ألعن عليّ بن أبي طالب بين الأذان والإقامة ألف مرّة وأنّه كان قد لعنته في يوم الجمعة بين الأذان والإقامة أربعة آلاف مرّة وخرجت من المسجد وأتيت الدار واتكأت على هذا الموضع الذي أريتك ، فذهب بي النوم فنمت فرأيت في منامي كأنّي قد أقبلت باب الجنّة فرأيت فيها قبّة من زمرّدة خضراء وقد زخرفت ونجدت ونضّدت بالاستبرق والديباج وإذا حول القبّة كراس من لؤلؤ وزبرجد وإذا عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه فيها متّك ، وإذا أبو بكر الصدّيق وعمر وعثمان (رض) جلوس يتحدّثون فرحين مسرورين مستبشرين بعضهم ببعض ثمّ التفتّ فإذا أنا بالنبيّ صلىاللهعليهوآله قد أقبل وعن يمينه الحسن ومعه كأس فضّة وعن يساره الحسين رضى الله عنه وفي يد الحسين كأس من نور.
قال النبيّ صلىاللهعليهوآله للحسين : اسقني فسقاه فشرب ثمّ قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : يا حسين اسق الجماعة فسقى أبا بكر وعمر وعثمان (رض) وسقى عليّا رضى الله عنه ، وكأنّما قال النبيّ صلىاللهعليهوآله للحسين : يا حسين اسق ، هذا اسق هذا المتّكئ الذي على الدكّان ، فقال الحسين للنبيّ صلىاللهعليهوآله : يا جدّاه أتأمرني أن أسقي هذا وهو يلعن والدي عليّا في كلّ يوم ألف مرّة وقد لعنه في هذا اليوم وهو يوم الجمعة أربعة آلاف مرّة؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله عند ذلك كالمغضب : ما لك تلعن عليّا لعنك الله ، لعنك الله؟ ثلاث مرّات ، ويحك تشتم عليّا وهو منّي وأنا منه؟ عليك غضب الله ، عليك غضب الله ، عليك غضب الله حتّى قالها ثلاثا ، ثمّ تفل في وجهي ثلاثا وضربني برجله ثلاثا وقال لي : غيّر الله ما بك من نعمة وسوّد وجهك وخلقك حتّى تكون عبرة لمن سواك قال : فانتبهت من نومي وإذا رأسي رأس خنزير ووجهي وجه خنزير على ما تراني ، فقال سليمان بن مهران : فقال لي أبو جعفر : يا سليمان هذان الحديثان كانا في حفظك؟