قلت : لا يا أمير المؤمنين فقال : هذان من ذخائر الحديث وجوهره. ثمّ قال : ويحك يا سليمان حبّ عليّ ايمان وبغضه نفاق فقلت : الأمان الأمان يا أمير المؤمنين فقال : لك الأمان يا سليمان ، قلت : فما تقول في قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب؟ قال : في النار أبعده الله ، قلت : وكذلك من يقتل من ولد رسول الله صلىاللهعليهوآله أحدا فهو في النار قال : فحرّك أمير المؤمنين أبو جعفر رأسه طويلا ثمّ قال : ويحك يا سليمان الملك عقيم ثمّ قالها ثلاث مرّات قال : يا سليمان اخرج فحدّث الناس بفضائل عليّ بن أبي طالب بكلّ ما شئت ولا تكتمنّ منه حرفا والسلام (١).
قال : وروى هذا الحديث صاحب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة قال : أخبرنا أبو الخير المبارك بن سرور قراءة عليه فقلت له : أخبركم القاضي أبو عبد الله قال : حدّثني أبي رحمهالله قال : أخبرني أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج بن الأزهر الصيرفي البغدادي قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن سليم عن عبد الله بن محمد العسكري عن عبد الله بن غياث الهروي عن الحسن بن عرفة قال: حدّثني أبو معاوية قال : حدّثنا الأعمش قال : بعث إليّ المنصور في جوف الليل فجزعت وقلت في نفسي : ما بعث إليّ في مثل هذه الساعة لخير ولا شكّ أنّه يسألني عن فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، فإن أخبرته يقتلني فنهضت فتطهّرت ولبست ثيابا نظيفة جعلتها أكفاني وتحنّطت وكتبت وصيّتي وصرت إليه ، فوجدت عنده عمرو بن عبيد فحمدت الله وقلت : وجدت رجلا عون صدق فلمّا صرف بين يديه قال لي : ادن منّي يا سليمان فدنوت منه فلمّا قربت منه أقبلت على عمرو بن عبيد أسأله ففاح له مني ريح الحنوط فقال لي المنصور : يا سليمان ما هذه الرائحة؟ والله لئن لم تصدقني لأقتلنّك فقلت : يا أمير المؤمنين لمّا أتاني رسولك في جوف الليل قلت : ما بعث لي في هذا الوقت إلّا ليسألني عن فضائل أهل البيت ، فإن أخبرته قتلني فكتبت وصيّتي ولبست ثيابا جعلتها أكفاني وتحنّطت ، وكان متّكيا فاستوى جالسا وقال : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ثمّ قال لي : يا سليمان ما اسمي؟
قلت : أمير المؤمنين عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس قال : صدقت ، قال : فأخبرني كم حديثا تروي في فضائل أهل البيت عليهمالسلام؟ فقلت : يسيرا ، قال : على كم ذلك؟
قلت : عشرة آلاف حديث وما زاد قال : يا سليمان لأحدّثنك في فضائلهم حديثين يأكلان كل الأحاديث [التي رويتها] إن حلفت أن لا ترويهما لأحد من الشيعة فقلت : والله لا أخبر بهما أحدا وحلفت له بنعمته فقال : اسمع يا سليمان كنت هاربا من مروان أدور في البلاد وأتقرّب إلى الناس
__________________
(١) المناقب ٢٨٤ / ح ٢٧٩ بتفاوت.