الله صلىاللهعليهوآله أحاديث كثيرة إلى أن قال أبو جعفر في الأحاديث التي أنكرها عمر على رسول الله صلىاللهعليهوآله وانكاره يعني عمر أمره عليهالسلام بالنداء من قال لا إله إلّا الله دخل الجنّة إلى غير ذلك من امور كثيرة يشتمل عليها كتب الحديث ، ولو لم يكن إلّا إنكاره قول رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه : ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما لا تضلّون بعده ، وقوله ما قال (١) وسكوت رسول الله صلىاللهعليهوآله عنه ، وأعجب الأشياء أنّه قال ذلك اليوم : حسبنا كتاب الله فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار فبعضهم يقول القول ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعضهم يقول القول ما قال عمر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد كثر اللغط وعلت الأصوات : قوموا عنّي فما ينبغي لنبيّ أن يكون عنده هذا التنازع ، فهل بقي للنبوّة مزيّة أو فضل إذا كان الاختلاف قد وقع بين القول وميل المسلمين بينهما مرجّح قوم هذا وقوم هذا ، أفليس ذلك دالّا على أنّ القوم سوّوا بينه وبين عمر وجعلوا القولين مسألة خلاف ، ذهب كلّ فريق منهم إلى نصرة واحد منهما كما يختلف اثنان من عرض المسلمين في بعض الأحكام فينصر هذا قوم وينصر ذلك آخرون ، فمن بلغت قوّته وهمّته إلى هذا كيف ينكر منه أن يبايع أبا بكر لمصلحة يراها ويعدلان عن النفر ومن الذي كان ينكر عليه ذلك وهو في القول الذي قاله للرسول صلىاللهعليهوآله في وجهه غير خائف من الإنكار ولا أنكر عليه أحد لا رسول اللهصلىاللهعليهوآله ولا غيره ، وهو أشدّ من مخالفة النصّ في الخلافة وأفضع وأشنع.
قال ابن أبي الحديد عقيب ذلك : وقد ذكرت في هذا الفصل خلاصة ما حفظت عن النقيب أبي جعفر ولم يكن إمامي المذهب ولا كان يبرأ من السلف الصالح ولا يرتضي قول المسرفين من الشيعة ولكنّه كلام أجراه على لسانه البحث والجدل بيني وبينه ، على أنّ العلوي لو كان كراميّا لا بدّ أن يكون عنده نوع من تعصّب وميل على الصحابة ، وكان النقيب أبو جعفر رحمهالله غريز العلم صحيح العقل منصفا في الجدال غير متعصّب للمذهب وإن كان علويّا وكان يعترف بفضل الصحابة ويثني على الشيخين (٢).
قال مؤلّف هذا الكتاب : انظر إلى ما ذكرناه عن أبي الحديد وما نقله عن أبي جعفر يطلعك على فساد ما أصّلوا عليه من مذهب العامّة من إنكارهم النصّ على أمير المؤمنين عليهالسلام من رسول اللهصلىاللهعليهوآله مع علمهم بالنصّ عليه بالإمامة والخلافة واتّبعوا أهوائهم فبعدا للقوم الظالمين.
الرابع : ابن أبي الحديد في الشرح قال : قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال : حدّثنا الحسن بن الربيع عن عبد الرحمن عن معمر عن الزهري عن عليّ بن عبد الله بن العبّاس عن أبيه
__________________
(١) أي قول عمر الآتي : إنه يهجر.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٩٠.