يهجر قالها عمر بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطينة وجفاء الطبيعة ولا حيلة له فيها لأنّه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها وهذا بعينه قول المجبرة وليت شعري ما الذي أوجب خروجه من مذهبه وهل هذا إلّا محض تعصّب لعمر ، أعوذ بالله تعالى من الحميّة الجاهلية والعجب من ابن أبي الحديد بين تعصّبه هنا لعمر وبين قوله في عمر وذمّه له حيث جعل الخلافة شورى في ستّة.
قال ابن أبي الحديد في الشرح بعد طعن أبي لؤلؤة من أمر الشورى : فإنّ ذلك كان سبب كلّ فتنة وقعت وتقع إلى أن تنقضي الدّنيا وقد شرحنا ما أدّى إليه من أمر الشورى من الفساد بما حصل في نفس كلّ واحد من الستّة من ترشيحه للخلافة. إلى هنا كلام ابن أبي الحديد بلفظه (١).
التاسع : ومن كتاب سير الصحابة لبعض رجال العامّة ما هذا لفظه في مطلع كتابه : بسم الله الرحمن الرحيم ما جاء في مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ومن أخبار النبيّ صلوات الله عليهما وعلى عترتهما أجمعين قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : سيظهر في الإسلام من الفرق ما ظهر في الأديان من قبلها فأمّا اليهود فإنّها افترقت على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمّتي من بعدي ثلاثا وسبعين فرقة جميعها في النار غير واحدة ناجية.
فقيل له : يا رسول الله من الفرقة الناجية؟
فقال : من كان على ما أنا عليه وأهل بيتي ومن قام على عهدي بعد وفاتي ، فقال حذيفة بن اليمان : يا رسول الله هل يتّبعون شيئا غيرك؟ قال : نعم يا حذيفة تظهر من بعدي طوائف ثلاث وهم الناكثون والقاسطون والمارقون فهؤلاء وأتباعهم ـ وأيم الله تعالى ـ أهل النار ، وهم اثنان وسبعون فرقة وستختلف أصحابي من طرق شتّى ، ثمّ أخذ المصنّف في ذكر الاختلاف إلى أن قال : والخلاف الثاني في بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله فيما أخبر به محمّد بن أبي عمر قال ؛ حدّثني سفيان بن عيينة عن عمر بن دينار عن عكرمة قال : سمعت عبد الله بن عبّاس يقول : يوم الاثنين وما يوم الاثنين وهملت عيناه فقيل له : يا ابن عبّاس وما يوم الاثنين؟ قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله في غمرات الموت فقال : ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي أبدا فتنازعوا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يجز عنده التنازع ، وقال رجل من القوم: إنّ الرجل ليهجر ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمر بإخراجه وإخراج صاحبه ثمّ أتوه بالصحيفة والدواة فقال: بعد ما قال قائلكم ما قال!؟ ثمّ قال : ما أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه (٢).
العاشر : صاحب كتاب سير الصحابة أيضا عن أبي إسحاق أخبرنا سعيد بن منصور البلخي قال:
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٧.
(٢) مكاتيب الرسول : ٣ / ٦٩٧ عن المصنف.