في باب الحركة : أن القول بالتخلخل والتكاثف : قول باطل محال.
والجواب عن الثاني : أنا نقول : مذهبنا أنه حصل في داخل الماء خلاء كثير ، وذلك هو السبب في كون الماء لطيفا متموجا ، وذلك لأن الماء ثقيل سيال بالطبع ، وكلما انصب بعض أجزاء الماء إلى بعض الأحياز الخالية ، صارت سائر الأحياز خالية. فتنصب أجزاء الماء مرة أخرى من تلك الأحياز [إلى هذه الأحياز (١)] وهكذا أبدا. ولهذا السبب يكون جسم الماء متموجا [متحركا (٢)] أبدا. وعلى هذا التقدير فقد سقط السؤال.
الحجة الرابعة : إذا فرضنا سطحا لقي سطحا آخر بكليته ثم ارتفع عنه دفعة ، فإنه يجب وقوع الخلاء بينهما في أول زمان حصول ذلك الارتفاع.
فلنبين إمكان هذه الأمور (٣) :
أما المقدمة الأولى فهي في بيان أنه يصح أن يلقى سطح سطحا آخر بكليته. وبرهانه : أنه لو امتنع أن يلقى سطح سطحا لبقيت الفرج خالية بينهما. وذلك يوجب القول بالخلاء. وأيضا فالبديهة حكمت بصحته. لأنا إذا وضعنا باطن إصبعنا على الإصبع الثاني ، من اليد الثانية ، علمنا بالضرورة أنه صار سطح هذا الإصبع ملاقيا لسطح الإصبع الثانية بالكلية. وإنه (٤) من المحال أن يقال : إنه لم تحصل الملاقاة إلا على نقط متفرقة متباينة.
وأما المقدمة الثانية فهي في بيان أنه يصح أن يرتفع أحد السطحين عن الآخر دفعة. وبرهانه : أن الجزء الأول من السطح الأعلى ، إذا ارتفع عن السطح الأسفل ، فلو بقي الجزء الثاني من السطح الأعلى ، مماسا لجزء من السطح الأسفل ، لزم وقوع التفكك بين أجزاء السطح الأعلى. لأن الجزء الأول إذا ارتفع فقد تحرك إلى فوق ، فلو بقي الجزء الثاني مماسا (٥) للشيء الذي
__________________
(١) سقط (م).
(٢) سقط (ط) ، (س).
(٣) الأحوال (س).
(٤) وإنه لا يمكن أن يقال : تحصل الملاقاة ... الخ (م ، ت).
(٥) مماسا لما كان مماسا (م ، ت).