انتقص ذلك المقدار ، لم يبق ذلك الاقتضاء البتة؟ ومع هذا الاحتمال يسقط ما ذكروه.
والذي يحقق ما ذكرنا : أن الرياح العاصفة تهدم الجبال ، وتقلع الأشجار ، ثم لم يلزم من [حصول (١)] الرياح الضعيفة [اللينة (٢)] أن يحصل منها قلع شيء من الأشجار ، وهدم شيء من الأحجار. فكذا هاهنا.
السؤال الثالث : هب أنه يلزم في تلك الحركة أن يكون حالها عند الخلو عن المعاوق ، مساويا لحالها عند حصول المعاوق الضعيف. فلم قلتم : إن ذلك باطل؟ [وبيانه : أن المعاوق (٣)] إذا ضعف جدا ، صار وجوده كعدمه ، ألا ترى أن الحجر الذي يقدر العشرون على تحريكه ، لا يلزم أن يقدر الواحد على تحريكه بوجه ما. فههنا جزء المؤثر لم يبق مؤثرا ، لا في القليل ولا في الكثير [فلم لا يجوز أيضا أن يقال : إن جزء العائق لا يبقى عائقا لا في القليل ولا في الكثير (٤)؟ وهذا السؤال كأنه عند التقرير لا يتم ، إلا بالاستعانة بالسؤالين المتقدمين.
والجواب عن الحجة الرابعة من وجهين :
الأول : أن نقول : المسافة التي بين السماء والأرض ، كلها خالية عن جميع الأجسام. بل نقول : أكثر هذه المسافة مملوءة من الأجسام الهوائية ، والأجسام النارية. وذلك يكفي في أن تصير مصادماتها سببا لفتور القوة القسرية.
والوجه الثاني : أن هذه الحجة [إن دلت فإنما (٥) تدل على حصول الملاء ، لا على أن الملاء واجب الحصول [وأن الخلاء ممتنع الخلاء (٦)].
والجواب عن الوجوه الأربعة الباقية : إن تلك الوجوه ، إنما تفيد هذا
__________________
(١) القوة (ت ، م).
(٥) سقط (م).
(٢) سقط (م).
(٦) لو صحت فهى إنما (م ، ت).
(٣) سقط (م).
(٤) وذلك لأن (م ، ت).