المعروض والموصوف ، وإما أن لا تكون كذلك ، بل تكون محتاجة إلى المعروض وإلى الموصوف. والأول باطل بالبديهة ، لأن القبلية والبعدية من باب النسب والإضافات ، وما كان كذلك امتنع كونها جواهر قائمة بأنفسها ، مستقلة بذواتها. فبقي القسم الثاني وهو أنه لا بد من أشياء تكون هذه القبليات والبعديات معارضة (١) لها من حيث إنها هي هي. ثم نقول : إن كل شيء فإنه لا يقبل هذا النوع من النسب والإضافات من حيث هو هو ، فإن الأب من حيث هو جوهر جسماني ، ليس قبل الابن ، ولا من حيث إنه طويل وأبيض وعالم وزاهد. فإذن لا بد من الجزم بوجود أمر تلحقه هذه القبليات والبعديات ، لحوقا بالذات. وذلك الشيء ليس هو الحركة للوجوه الكثيرة التي ذكرناها في الفصل المتقدم.
ونزيد هاهنا كلاما آخر فنقول : إن الجزء (٢) المتقدم من الحركة يمكن تعقله متأخرا وبالعكس. وأما الجزء المتقدم من الزمان فإنه لا يمكن تعقله متأخرا وبالعكس. فثبت : أن هذا الشيء الذي هو المعروض بالذات لهذه القبليات والبعديات موجود ، سيال منقضي لذاته ، وهو شيء مغاير للحركة. ولا نعني بالزمان إلّا ذلك.
والاعتراض عليه :
[السؤال الأول (٣)] لا نسلم أن القبلية والبعدية من المعاني الموجودة. أما قوله : «القبلية نقيض القبلية ، ثم إن اللاقبلية عدم ، ورافع العدم ثبوت». قلنا : يشكل هذا بالإمكان فإنه رافع للامتناع ورافع للوجوب. والامتناع عدم ، والوجوب ثبوت. فيلزم في الإمكان أن يقال : إنه لكونه رافعا للامتناع الذي هو عدم أن يكون (٤) وجودا ، ولكونه رافعا للوجوب الذي هو
__________________
(١) عارضة (س).
(٢) الجزم (م).
(٣) زيادة.
(٤) لا يكون (ت).