القسم الثاني : وهو أن يكون ذلك الشيء صفة من صفات الحركة الفلكية ، فهو أظهر فسادا ، لأن ذلك الشيء ظرف للحركة الفلكية ، والحركة الفلكية [جارية مجرى الظرف (١)] بجميع صفاتها ونعوتها ، فلو كان الظرف شيئا من صفات تلك الحركة ، لزم كون (٢) الشيء الواحد بالنسبة إلى الشيء الواحد ظرفا له ومظروفا له. وهو محال. وأيضا : فلو قال قائل : إنه تعالى يفعل الفعل الفلاني عند وقوف الأفلاك والكواكب عن حركاتها ، لم يكن هذا الكلام كلاما معلوم الفساد والبطلان في بديهة العقل. فلو كان هذا الظرف شيئا من الحركات الفلكية (٣) أو شيئا من أحوال تلك الحركات. لكان هذا الكلام مقطوع الفساد في بديهة العقل. لأن حصول الحادث لا في وقت معين : معلوم الامتناع في البديهة. وأيضا : فلا حال من أحوال الحركة الفلكية ، ولا صفة من صفاتها ، إلا وصريح العقل يحكم بأنها وقعت في الوقت الفلاني. في الماضي ، أو سيقع في الوقت الفلاني في المستقبل.
فثبت بما ذكرنا : أن ذلك الظرف ليس هو الحركة الفلكية ، ولا صفة (٤) من صفاتها. فثبت : وجود موجود سيّال ، ليس هو الحركة الفلكية ولا صفة من صفاتها. وذلك هو الزمان.
فإن قيل : إنكم بنيتم هذا على أن المراد من قول القائل : آتيك عند طلوع الشمس ، هو آتيك في الوقت الذي تطلع فيه الشمس. ونحن لا نرضى بهذا التفسير ، بل نفسره بوجه آخر فنقول : المراد منه آتيك إتيانا مقارنا لطلوع الشمس ، أو مع طلوع الشمس. وعلى هذا التقدير فإنه يبطل ما ذكرتم. وأيضا : فهذه الحجة مبنية على كلام يذكره أهل العرف ، ومثل هذا مما لا يلتفت إليه.
والجواب عن الأول : إن تلك المقارنة والمعية [ليست في الماهية (٥) ولا في
__________________
(١) من (س).
(٢) لزم كون كل واحد منهما ظرفا للآخر (م ، ت) وفي (ط) ظرفا للآخر.
(٣) الفلكية حاصلة حال كونها معدومة محال في العقول وأيضا ... (ت ، م).
(٤) شيء (س).
(٥) سقط (ط).