(٢) الفردوس : قيل إنها معرّبة من الرومية وأنها تعني البستان الذي يجتمع فيه التمر والزهر. أو الذي يجمع محاسن كل بستان ، أو أواسط الجنات وأفضلها مكانا ، وعلى كل حال فالكلمة كانت معرّبة ومندمجة في اللغة الفصحى ومفهومة الدلالة قبل نزول القرآن.
(٣) حولا : تحولا.
عبارة الآيات واضحة ، وهي كما هو المتبادر تتمة أو استمرار للحملة التي بدئت من آخر الفصل السابق وجعلت قصة ذي القرنين وسيلة لها.
وفيها تنديد وتسفيه وإنذار للكافرين المشركين وبيان لمصيرهم الأخروي واستطراد إلى بيان مصير المؤمنين الذين يعملون الصالحات مقابلة لمصير الكافرين جريا على الأسلوب القرآني.
وفيها بنوع خاص تقرير لأثر الإيمان والكفر في أعمال الناس مما تكرر تقريره في المناسبات السابقة وفيه توضيح أكثر. فالكافر المشرك المكذب بالآخرة لا يصدر في أعماله الحسنة عن وازع إيماني ووجداني ، وهي بالإضافة إلى حبوطها عند الله بسبب كفر صاحبها وشركه معرضة للتقلب والانقباض والتبدل عند أي طارئ وهاجس وسبب دنيوي ، بعكس المؤمن بالله واليوم الآخر فإنه يظل ثابتا مستمرا عليها لأنه يرجو بها رضوان الله ووجهه والتقرب إليه وثوابه الأخروي. وفي هذا ما فيه من تدعيم للدعوة النبوية وتلقين مستمر المدى.
ويلفت النظر إلى قوة الأسلوب الذي عبر به عن هذا المعنى في الآيات [١٠٣] وما بعدها. فهم يظنون أنهم يحسنون صنعا بما يعملون مع أنهم الأخسرون أعمالا لأنهم كفروا بآيات ربهم ولقائه واتخذوا آياته ورسله هزوا. وقوة التدعيم للدعوة النبوية في هذا الأسلوب بالنسبة لظرف الدعوة أيضا ظاهرة.
ولقد روى الطبري عن ابن جريج أن المقصود بكلمة (عِبادِي) في الآية الأولى هم الملائكة وعيسى عليهالسلام. وروى البغوي عن ابن عباس أنهم الشياطين. وعن مقاتل أنهم الأصنام. والكلمة تشمل كل ما خلقه الله فتكون العبارة