ولقد روى البغوي في سياق الآية الأولى حديثا عن النبي صلىاللهعليهوسلم جاء فيه : «بعثت أنا والساعة كهاتين ـ وأشار بإصبعيه ـ وإن كادت لتسبقني» (١). وروى ابن كثير في سياقها حديثا كذلك أخرجه ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء من المغرب مثل الترس ، فما تزال ترتفع في السماء ثم ينادي مناد فيها يا أيّها الناس فيقبل الناس بعضهم على بعض هل سمعتم ، فمنهم من يقول نعم ومنهم من يشكّ. ثم ينادي الثانية يا أيّها الناس فيقول الناس بعضهم لبعض هل سمعتم فيقولون نعم ثمّ ينادي الثالثة أي. أيّها الناس أتى أمر الله فلا تستعجلوه. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فو الذي نفسي بيده إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبدا وإنّ الرجل ليمدّنّ حوضه فما يسقي فيه شيئا أبدا وإنّ الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدا ، قال ويشتغل الناس».
والحديث الأول وارد كما أشرنا في الذيل في كتب الأحاديث الصحيحة ، واحتمال صحة الحديث الثاني وارد. واقتراب الساعة مع بعثة النبي صلىاللهعليهوسلم مما ذكر صراحة في بعض الآيات القرآنية منها آية سورة القمر : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ومن الحكمة الملموحة في الأحاديث إنذار الناس وهذه الحكمة ملموحة في الآيات كما هو المتبادر.
(وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨) وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ
__________________
(١) روى الشيخان والترمذي هذا الحديث بصيغة قريبة عن سهل وهذه الصيغة «بعثت أنا والساعة هكذا ويشير بإصبعيه فيمدّهما. وفي رواية بعثت أنا والساعة كهاتين وضمّ السبابة والوسطى» التاج ج ٥ ص ٣٠١.