مبادئ القرآن وتلقيناته وخطوطه وتقريراته العامة ، مما أوردنا كثيرا منه ، وسوف نورد كثيرا منه ، في مناسباته ، يحدوهم إلى ذلك إيمانهم بالله ورسوله وقصد الخدمة الخالصة لدين الله وشرائعه. ويتهيبون في كل ما بذلوه من جهد ما ورد في حديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أنس قال : «إنه ليمنعني أن أحدّثكم حديثا كثيرا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من تعمّد عليّ كذبا فليتبوأ مقعده من النار» (١). وما ورد في حديث ثان رواه البخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّا مقعده من النار» (٢). وحديث ثالث رواه الشيخان والنسائي عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار» (٣). وحديث رابع رواه الإمام مالك عن أبي هريرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم «تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما كتاب الله وسنّة رسول الله» (٤).
وبفضل هذه الجهود المبرورة لم يبق والحمد لله محل للقول بأن السنة النبوية القوليّة والفعليّة قد اضطربت ولم يعد إمكان للأخذ بها ، وكل من يقول هذا بعد أن
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٦٣.
(٢) المصدر نفسه ص ٥٨ وفي مجمع الزوائد ج ١ ص ١٤٢ ـ ١٤٤ أحاديث عديدة من باب هذين الحديثين رواها أئمة آخرون بطرق مختلفة وعن أشخاص آخرين.
(٣) المصدر نفسه ص ٣٧ والمتبادر أن المحدثات المذمومة هي الأمور الجديدة التي تتناقض مع أحكام ومبادئ وتلقينات كتاب الله وسنة رسوله ومصلحة الإسلام والمسلمين ، وليست الأمور الجديدة مطلقا. وهناك حديثان نبويان يدعمان ذلك منهما حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا». وحديث رواه مسلم والترمذي عن جرير بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء» ص ٦٥ ـ ٦٧.
(٤) المصدر نفسه ص ٤٠.