نتائج الإكراه القتل. وحدّ من يرتكب الإثمين القتل أيضا واللواط في حكم الزنا. وقد يستثنى المفعول بهما إذا قيدا ومنعا من المقاومة. أما الإكراه على الكفر وما دون ذلك من شرب خمر وأكل لحم خنزير وميتة ودم مسفوح وامتناع عن الصلاة والصوم والحج فهو مبرر بقدر ما يكفي لدفع الضرر من الإكراه إذا كان مؤكدا ويقينا. وقد يكون الإكراه على ما دون القتل والزنا ـ مما يتعلق بالغير ـ مبررا أيضا إذا ما أصلح الفاعل وعوض عما ارتكبه بعد زوال خطر الإكراه. وهذا لا يتعارض مع التوبة عن الآثام التي يرتكبها المرء بدون إكراه إذا ما كانت توبة صادقة مترافقة على الإصلاح والتعويض على ما شرحناه في سياق سورة الفرقان.
وهناك حديث رواه ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (١) والحديث يتساوق مع التلقين القرآني ، ويتحمل بدوره الملاحظات التي شرحناها كما هو المتبادر ، والله تعالى أعلم.
ولقد نبّه المفسرون في سياق الآية إلى التشريع النبوي في حقّ المرتدين عن الإسلام بدون إكراه فروى ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن عكرمة ، رواه أيضا البخاري وأبو داود والترمذي بصيغة قريبة جدا وهي : «إن عليّا حرق قوما ارتدوا عن الإسلام فبلغ ذلك ابن عباس فقال : لو كنت أنا لقتلتهم لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من بدّل دينه فاقتلوه ، ولم أحرقهم لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تعذّبوا بعذاب الله فبلغ ذلك عليّا فقال : صدق ابن عباس» (٢). وهناك حديث آخر رواه الخمسة عن عبد الله بن مسعود قال : «قال النبي صلىاللهعليهوسلم : لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلّا الله وإني رسول الله إلّا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس والثيّب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة» (٣).
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٢٩.
(٢) التاج ج ٣ ص ١٧.
(٣) المصدر نفسه.